المرتكزة عليه ينحني إلى أعلى نحو وسط حتى إذا نظر إليه الإنسان من أحد طرفي هذا الخط الذي يظنه مستقيماً لم يستطع رؤية طرفه الثاني البعيد عنه. ولم تكن واجهات البناء كاملة التربيع، ولكنها خططت بحيث تظهر لمن ينظر إليها من أسفل كأنها مربعة. ولم تكن هذه الانحناءات كلها إلا تصحيحاً دقيقاً للخداع البصري، ولولاها لبدت قواعد صفوف الأعمدة منخفضة في وسطها مائلة نحو الخارج. وما من شك في أن هذا الضبط يتطلب قدراً كبيراً من العلم بالرياضيات والبصريات، وأنه كان من المظاهر الهندسية الآلية التي جعلت الهيكل صرحاً يجمع بين العلم والفن. فقد كان كل خط مستقيم في البارثنون، كما هو في علم الطبيعة، خطاً منحنياً، وكان كل جزء من البناء ينسحب نحو الوسط، كما هو الشأن في التصوير، انسحاباً دقيقاً بارعاً. وقد نشأ من هذا كله نوع من المرونة والرشاقة يخيل إلى الإنسان معه أنه يخلع على الحجارة نفسها حياة وحرية.
وكان فوق العارضة البسيطة (العارضة الراكزة على الأعمدة) سلسلة من الحزوز والأجنبة (ما بين الحزوز) تلي كلتاهما الأخرى. وقد نقشت على الأجنبة الاثنين والتسعين نقوش بارزة تقص مرة أخرى كفاح "الحضارة" و "الوحشية" في حروب اليونان والطرواديين، واليونان والأمزونيات، واللبيثيين والقناطرة (Centaurs) ، والجبابرة والآلهة. ولا شك في أن هذه الألواح من صنع فنانين كثيرين يختلفون في مهارتهم، فهي لا تعادل النقوش البديعة التي على إفريز المحراب وإن كانت بعض رؤوس القناطرة لا تقل دقة وجمالاً عن صور رمبرانت Rembrandt، وإن كانت هذه الرؤوس قد صنعت من الحجارة. وكان في قواصر السقف الهرمي طائفة من التماثيل المقامة من حجارة منحوتة كبيرة الحجم، وفي القوصرة الشرقية المقامة فوق المدخل، كان يسمح للزائر أن يشهد مولد أثينة