وكان الملك يخرج إلى الحرب في عربة على رأس جيش مؤلف من خليط من المقاتلين مسلحين بالقسى والسهام والحراب. وكانت الحرب تشن لأسباب صريحة هي السيطرة على طرق التجارة والاستحواذ على السلع التجارية؛ فلم يكن يخطر لهم ببال أن يستروا هذا الغرض بستار من الألفاظ يخدعون بها أصحاب المثل العليا. من ذلك أن منشتوسو ملك أكد أعلن في صراحة أنه يغزو بلاد عيلام ليستولي على ما فيها من مناجم الفضة، وليحصل منها على حجر الديوريت لتصنع منه التماثيل التي تخلد ذكره في الأعقاب- وتلك هي الحرب الوحيدة في التاريخ التي تخوضها الجيوش لأغراض فنية. وكان المغلوبون يباعون ليكونوا عبيداً، فإذا لم يكن في بيعهم ربح ذبحوا ذبحاً في ميدان القتال. وكان يحدث أحياناً أن يقدم عشر الأسرى قرباناً إلى الآلهة المتعطشة للدماء، فيقتلوا بعد أن يوضعوا في شباك لا يستطيعون الإفلات منها. وقد حدث في هذه المدن ما حدث بعد إذ في المدن الإيطالية في عصر النهضة، فكانت النزعة الانفصالية التي تسود المدن السومرية حافزاً قوياً للحياة والفن فيها، ولكنها كانت كذلك باعثاً على العنف والنزاع الداخلي، فأدى هذا إلى ضعف الدويلات جميعها وإلى سقوط بلاد سومر بأكملها (٣٥).
وكان نظام الإقطاع وسيلة حفظ النظام الاجتماعي في الإمبراطورية السومرية. فقد كان الملك عقب كل حرب يقطع الزعماء البواسل مساحات واسعة من الأرض ويعفيها من الضرائب. وكان من واجب هؤلاء الزعماء أن يحافظوا على النظام في إقطاعاتهم، ويقدموا للملك حاجاته من الجند والعتاد. وكانت موارد الحكومة تتكون من الضرائب التي تجبى عيناً وتخزن في المخازن الملكية وتؤدى منها مرتبات موظفي الدولة وعمالها (٣٦).
وكان يقوم إلى جانب هذا النظام الملكي الإقطاعي طائفة من القوانين تستند إلى سوابق كثيرة من عهد أور- أنجور ودنجى اللذين جمعا قوانين أور ودوناها.