للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجغرافية. ولعل العامة كانوا يستعينون بمعداد لإجراء عمليات الحساب السهلة. أما الكسور الاعتيادية فكانت تسبب لهم عناءً شديداً، فكانوا إذا أجروا عملية حسابية تحتوي على كسر اعتيادي بسْطُهُ أكبر من ١ حولوا هذا الكسر إلى عدة كسور بسطها كلها ١ فالكسر الاعتيادي ٢٣ slash ٣٢ مثلاً كان يقسم إلى ١ slash ٢ + ١ slash ٨ + ١ slash ١٦ + ١ slash ٣٢ (١) .

وليست لدينا معلومات مدونة عن الجبر عند اليونان قبل التاريخ المسيحي. أما الهندسة النظرية، فكانت من الدراسات المحببة إلى الفلاسفة، ولم تكن تدرس لفائدتها العملية بقدر ما كانت تدرس لفائدتها الذهنية النظرية وما فيها من استدلال منطقي خلاب، وما فيها من دقة ووضوح، وتفكير متتابع ينبني بعضه على بعض. وكانت ثلاث مسائل بوجه خاص تسترعي انتباه هؤلاء العلماء الرياضيين الباحثين فيما وراء الطبيعة، ومما يدل على ما أصبح للمشكلة الأولى من شأن عندهم أن شخصية من شخصيات مسرحية الطيور لأرسطوفان تمثل ميتون Meton تأتي إلى المسرح بمسطرة وفرجار وتعلن أنها سترى النظارة كيف "تحول الدائرة إلى مربع" أي كيف يرسم مربع مساحته تساوي مساحة دائرة معلومة. ولعل هذه المسائل وأمثالها هي التي جعلت الفيثاغوريين المتأخرين يضعون قواعد الأعداد الصماء والكميات غير المتناسبة (٢). كذلك كانت دراسات الفيثاغوريين للقطع المكافئ، والقطع الزائد، والقطع الناقص هي التي مهدت السبيل إلى مؤلف


(١) لقد كان كتبة الدوائر الزراعية إلى عهد قريب يقولون مثلاً "نصف وربع وثمن" بدل ٧ slash ٨ وفي "سورة الفدان" أمثلة كثيرة من هذه الطريقة (المترجم).
(٢) الأعداد الصماء هي الأعداد التي لا يمكن التعبير عنها بعدد كامل، أو كسر من عدد كالجذر التربيعي للعدد، والكميتان غير المتناسبتين هما الكميتان اللتان لا يمكن إيجاد كمية ثالثة بينها وبينهما نسبة يمكن التعبير عنها بعدد غير أصم، كضلع المستطيل وقطره، ونصف قطر الدائرة ومحيطها.