الدلفين (٥٨). ويسدي أبقراط للناس هذه النصيحة:"عش عيشة صحية تنج من الأمراض إذا انتشر في البلد وباء أو أصابتك حادثة. وإذا مرضت ثم اتبعت نظاماً صالحاً في الأكل والحياة أتاح لك ذلك أحسن الفرص للشفاء"(٥٩). وكثيراً ما كان يوحي بالصوم إذا سمحت بذلك قوة المريض لأنه "كلما أكثرنا من تغذية الأجسام المريضة زدنا بذلك تعريضها للأذى"(٦٠). ويمكن القول بوجه عام إن "الإنسان يجب ألا يتناول إلا وجبة واحدة من الطعام في اليوم إلا إذا كانت معدته شديدة الجفاف"(٦١).
وكان تقدم علمي التشريح ووظائف الأعضاء في بلاد اليونان بطيئاً، وكان أكبر العوامل فيما أحرزاه من تقدم هو الفحص عن أحشاء الحيوانات في عملات العرافة. وفي المجموعة الأبقراطية كراسة صغيرة "في القلب" تصف البطينين، والأوعية الكبرى، وصماماتها. وكتب سينيسس Syennesis القبرصي وديوجين الكريتي يصفان الجهاز الدموي، وعرف ديوجين أهمية النبض (٦٢). كذلك عرف أنبادوقليس أن القلب مركز الجهاز الدموي، ووصفه بأنه العضو الذي يحمل النيوما Pneuma أو الهواء الحيوي (الأوكسجين؟) من الأوعية الدموية إلى جميع أجزاء الجسم (٦٣). وفي كتاب الجسم Corpus يحذو أبقراط حذو القيمون فيجعل المخ مركز الشعور والتفكير ويقول: "وبه نفكر، ونبصر، ونسمع، ونميز القبيح من الجميل والغث من الثمين"(٦٤).
أما الجراحة فكانت لا تزال في معظم الأحوال عملاً لا يتخصص فيه الطلاب، ويشتغل به كبار الأطباء، وإن كان من الموظفين في الجيوش جراحون (٦٥). وتصف مؤلفات أبقراط عملات التربنة، والطريقة التي تصفها لعلاج انخلاع الكتف أو الفك "حديثة" في كل شيء عدا استخدام المخدرات (٦٦).
وقد وجدت في هيكل إسكلبيوس بأثينة لوحة نذور نقشت عليها علبة تحتوي مباضع ذات أشكال مختلفة (٦٧). ويحتفظ متحف أثينة الصغير بعدد من