وجاء زينون إلى أثينة حوالي عام ٤٥٠ ق. م. ولعله جاء إليها مع بارمنيدس وأثار ثائرة المدينة السريعة التأثر بقدرته على تحويل أي نوع من أنواع النظريات الفلسفية إلى سخافات غير معقولة. وقد وصف تيمون الفليوسي Temon of Phlius " لسان زينون ذي الحدين الذي يستطيع أن يبرهن على أن كل قول يقوله الإنسان غير حقيقي"(٨).
ومن هذه النعرة قبل السقراطية (ونحن نسميها نعرة لأن جهلنا بالماضي يضطرنا إلى تسمية هذه المعاني بتلك الأسماء) كانت بداية علم المنطق كما كان بارمنيدس بالنسبة لأوربا هو واضع علم ما وراء الطبيعة. ولقد حاكى سقراط طريقة زينون الجدلية (٩) محاكاة شديدة وإن كان قد ندد بها وشنع عليها، وبلغ من تحمسه لهذه الطريقة أن اضطر قومه إلى قتله لكي يريحوا عقولهم من جدله. ولقد كان أثر زينون في السوفسطائيين المتشككين حاسماً وقوياً، وكان لتشككه آخر الأمر الغلبة في بيرون Purrho وقرنيادس Carneades. وقد أصبح في شيخوخته رجلاً "ذا حكمة عظيمة وعلم غزير"(١٠) فأخذ يشكو من أن الفلاسفة قد حملوا مزاحه العقلي في أيام شبابه محمل الجد. وكان انقلابه الأخير سبب القضاء عليه. ذلك أنه اشترك في حركة تهدف إلى خلع الطاغية نيارقيس Nearches في إيليا ولكنه أخفق في محاولته، وقبض عليه، وعذب، وقتل (١١). وصبر الفيلسوف على عذابه صبر الأبطال، وكأنما أراد بذلك أن ينضم اسمه بعد قليل من الزمن إلى أسماء أصحاب الفلسفة الرواقية.