للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حديثاً هتامات من كتاب عن ألقبيادس كتبها إسكنيز الاسفتوزي Aeschines of Sphettos أحد تلاميذ سقراط نفسه ترجح تأييد الصورة التي رسمها له أفلاطون في الأجزاء الأولى من محاوراته كما ترجح تأييد قصة العلاقة الوثيقة التي كانت بين الفيلسوف وبين ألقبيادس (١١٥). غير أن أرسطاطاليس من جهة أخرى يعد الذكريات Memorabilia والمائدة Banquet من القصص الموضوعة، أي الأحاديث الخيالية التي يردد سقراط في أكثرها آراء أكسانوفون (١) نفسه. وإذا كان أكسانوفون قد صدق فيما نقله عن سقراط صدق إكرمان Eckerman فيما نقله عن جيته، فإن كل ما نستطيع أن نقوله في هذه الحال أنه عني بجمع سخافات المعلم التي لا ضرر منها، وأنه ليس من المعقول أن رجلاً أوتي من الفضائل ما أوتي سقراط حسب ما وصفه به أكسانوفون يستطيع أن يقلب الحضارة القائمة رأساً على عقب. على أن غير أكسانوفون من الكتاب الأقدمين لم يصوروا الحكيم القديم في صورة القديسين الصالحين كما صوره أكسانوفون. من ذلك أن أرسطوقسانيس التارنتي Aristoxenus of Tarentum ينقل عن أبيه - الذي يدعي أنه كان يعرف سقراط شخصياً - حوالي عام ٣١٨ أن الفيلسوف كان شخصاً مجرداً من التعليم "جاهلاً فاجراً" (١١٧)، وأن يوبوليس Eupolis الشاعر الهزلي فاق منافسه أرسطوفان في الافتراء على المشاء العظيم (١١٨). وإذا أسقطنا من حسابنا ما يجر إليه الجدل من قسوة في اللفظ اتضح لنا على الأقل أن سقراط كان رجلاً نال من كره الناس وحبهم أكثر مما ناله أي إنسان آخر في عصره.

وكان أبوه مَثالاً، ويقال إنه هو نفسه نحت تمثالاً لهرمس، وآخر لربات القدر الثلاث أقيم قرب مدخل الأكروبوليس (١١٩). أما أمه فكانت قابلة، وكان من الفكاهات التي لا ينفك ينطق بها عن نفسه أنه لم يفعل أكثر من


(١) وفي الكتاب الثالث من الذكريات ينطق أفلاطون سقراط بشرح الأساليب والحيل الحربية.