يحب الرفقة الطيبة، وكان لا يأبى أن يُدعى إلى ولائم الأغنياء من حين إلى حين، ولكنه لم يخضع لهم أو ينحني امتثالاً لأمرهم، وكان في وسعه أن يعيش أحسن العيش دون معونتهم، وكان يرفض هدايا الكبراء والملوك وولائمهم (١٣٥). وجملة القول أنه كان رجلاً محظوظاً يعيش من غير كد، ويقرأ من غير أن يكتب، ويعلم من غير أن يلتزم خطة رتيبة، ويشرب دون أن يدور رأسه، ثم يموت قبل أن يدركه وهن الشيخوخة، وكان موته بلا ألم.
وكانت أخلاقه أحسن الأخلاق الملائمة لعصره، ولكنها أخلاق يصعب أن يرضى بها كل الرجال الصالحين الذين يثنون عليه. فقد "سرت نار" الحب في جسمه حين رأى كرميدس Charmides، ولكنه ضبط عواطفه بأن سأل نفسه هل لهذا الفتى هو الآخر "نفس نبيلة (١٣٦)؟ ". ويصف أفلاطون سقراط وألقبيادس بأنهما عاشقان، ويقول عن الفيلسوف إنه "يطارد الفتى الوسيم"(١٣٧)، والشيخ وإن كان يبدو أنه قد جعل حبه في الغالب حباً أفلاطونياً، لم يستنكف أن يقدم النصح للائطين وللسراري عن خير الوسائل لاصطياد المحبين. وقد دفعته شهامته إلى أن يعد الحظية ثيودروا بمعونته، وقد جازته على هذه المعونة بدعوتها إياه أن "يتردد عليها ليزورها"(١٣٩). ولم تكن تفارقه دعابته ورقة حاشيته، ومن أجل هذا فإن الذين يطيقون آراءه السياسية يجدون من السهل عليهم أن يحتملوا أخلاقه. ولما قضى نحبه قال عنه أكسانوفون إنه "بلغ من إنصافه أنه لم يظلم إنساناً حتى في أتفه الأمور … ، وبلغ من عدالته أنه لم يفضل في وقت من الأوقات اللذة عن الفضيلة، وبلغ من حكمته أنه لم يخطئ قط في تمييز الخبيث من الطيب، ومن قدرته على تبين أخلاق الناس ومن حضهم على اتباع سبيل الفضيلة