حين مثلت المسلاة، وكان ثانيهما وهو أنيتس على وفاق مع سقراط بعد أن مثلت (١٣٠)؛ وأكبر الظن أن انتشار المسرحية بعدئذ بوصفها قطعة أدبية أضر بالفيلسوف أكثر مما أضر به التمثيل الأول. ولقد أشار سقراط في دفاعه عن نفسه- كما يرويه أفلاطون- إلى هذه المسرحية وقال عنها إنها من أكبر الأسباب التي سوأت سمعته وألبت القضاة عليه.
وكان في أثينة هدف آخر وجه إليه أرسطوفان سهام هجائه، وقد وجهها هذه المرة سهام عداوة لا تنطفئ نارها. ذلك أنه لم يكن يثق بتشكك السوفسطائيين؛ أو بالفردية الأخلاقية، والاقتصادية، والسياسية التي كانت تنخر في عظام الدولة؛ أو بالدعوة النسائية العاطفية التي ترمي إلى مساواة النساء بالرجال، والتي كانت تثير ثائرة النساء؛ أو بالاشتراكية التي كانت تعمل عملها بين الأرقاء. لقد رأى هذه المبادئ كلها واضحة أجلى وضوح في يوربديز، واعتزم أن يقضي بالضحك والسخرية على ما كان للكاتب المسرحي الكبير من أثر في العقلية اليونانية.
وبدأ يعمل لهذه الغاية في عام ٤١١ بمسرحية أسماها السموفريزوسيات The smophoriazusae. وقد اشتق هذا اللفظ من اسم النساء اللائى كن يحتفلن بعيد دمتر وبرسفوني عن طريق الامتناع الجنسي. وفيه يجتمع عبادهما ليناقشن آخر ما سخر به يوربديز من بنات جنسهن، ويدبرن أمر الانتقام منه. وتترامى أنباء هذه الخطة إلى يوربديز فيشير على نسيلكس Mnesilochus والد زوجته بأن يلبس ثياب النساء ويدخل الاجتماع ليدافع عنه. وتشكو أولاهن من أن الكاتب المسرحي قد حرمها من وسيلة كسب عيشها؛ فقد كانت من قبل تصنع أكاليل الزهر للهياكل، فلما أن قال يوربديز إنه لا وجود للآلهة، كسدت تجارتها. ويدافع نسيلكس عن يوربديز بقوله إن أسوأ ما قاله عن النساء حق لا مراء فيه، وإنه أخف مما تعرفه النساء أنفسهن من أخطائهن. وترتاب النساء في أن هذا