في الدول اليونانية أدى هذا وذاك إلى القضاء على العصر الذهبي في بلاد اليونان.
وشرعت مدن اليونان جميعها تقريباً تقاوم سياسة أثينة (٧)، فقاومت بؤوتية في كورونيا (٤٤٧) ما بذلته أثينة من جهود لضمها إلى الإمبراطورية. واستغاثت بعض المدن الخاضعة لأثينة وبعضها الآخر الذي يخشى الخضوع لها بإسبارطة، وطلبت إليها أن تقف في وجه أثينة. ولم يكن الإسبارطيون متحمسين للحرب راغبين فيها، لعلمهم بقوة الأسطول الأثيني وشجاعة رجاله، ولكن الكراهة العنصرية القديمة بين الدوريين والأيونيين أشعلت نار البغضاء في قلوبهم، وبدا للألجركية الإسبارطية مالكة الأراضي أن الخطة التي جرت عليها أثينة وهي إقامة حكومة ديمقراطية تستمد سلطتها من الإمبراطورية في كل مدينة من المدن الخاضعة لها، نقول بدا لهذه الألجركية أن تلك الخطة تهدد كيان الحكومات الأرستقراطية أينما كانت، واكتفى الإسبارطيون حيناً من الدهر بتقديم المعونة للطبقات العليا في كل مدينة من هذه المدن، وأخذوا يعملون على مهل في تكوين جبهة متحدة ضد أثينة.
ورأى بركليز نفسه يحيط به الأعداء من داخل أثينة وخارجها، فأخذ يعمل للسلم ويستعد للحرب. وهداه تفكيره إلى أن في مقدور الجيش أن يدافع عن أتكا، أو عن جميع سكان أتكا إذا اجتمعوا داخل أسوار أثينة، وأن في مقدور الأسطول أن يحمي الطرق التي تسلكها السفن المحملة بالحبوب من بلاد اليوكسين أو مصر إلى ثغر أثينة المسور ويبقيها مفتوحة. وكان يعتقد أنه لا يستطيع النزول عن شيء لأعدائه دون أن يعرض للخطر موارد الطعام الذي تعتمد عليه أثينة؛ وبدا له كما يبدو لإنجلترا في هذه الأيام، أنه أمام واحدة من اثنتين إما الإمبراطورية أو الموت جوعاً ولا وسط بينهما. ولكنه مع هذا أرسل الرسل إلى جميع الدول اليونانية يدعوها إلى عقد مؤتمر هليني للبحث عن حل للمشاكل التي تدفع