سقراط: وإذا لم يعد يظنها كما كان يظنها من قبل شريفة وطبيعية، ثم عجز عن معرفة الحق، فهل يُنتظر منه أن يحيا حياة غير الحياة التي تتملق شهواته؟
أجلوكون: ذلك ما لا يُنتظر منه.
سقراط: وهل ينقلب بعدئذ من إنسان طائع للقوانين إلى إنسان خارج عليها؟.
أجلوكون: بلا ريب.
سقراط: وإذن فلا بد من الحذر الشديد في إدخال مواطنينا الذين لا يتجاوزون سن الثالثة والثلاثين في الجدل … إذ يجب ألا يسمح لهم بتذوق هذه اللذة العزيزة قبل الأوان؛ هذا شيء ينبغي تجنبه بنوع خاص، لأن الشبان، كما رأيت، إذا تذوقوا الجدل بدءوا من فورهم يجادلون حباً في الجدل، ولا ينفكون يعارضون غيرهم ويدحضون حججهم تقليداً منهم لمن ينقضون حججهم هم؛ فهم في هذا أشبه بصغار الكلاب التي يسرها أن تشد أثواب كل من يقترب منها وتمزقها.
أجلوكون: نعم إن هذا هو الذي يسرها.
سقراط: وإذا ما غلبوا الكثيرين من الناس وغلبهم الكثيرون اندفعوا بسرعة وعنف إلى حال لا يؤمنون معها بأي شيء كانوا يؤمنون به من قبل، ومن … ثم تسوء سمعة الفلسفة عند سائر الناس.
أجلوكون: هذا هو عين الحق.
سقراط: ولكن الرجل إذا بدأ يكبر، فإنه لا يرتكب هذا الضرب من الأعمال الجنونية؛ بل يحذو حذو الرجل المنطقي الذي يبحث عن الحقيقة، لا حذو الخصيم الذي يعارض لما يجده في المعارضة من لذة؛ وإن إجلال الناس لخلقه سيزيد من شرف هذا السعي بدل أنه ينقص منه (٦٧).
وكان أفلاطون وأعوانه يعلمون الناس بالمحاضرات والحوار، وبعرض