للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأن الإنسان في حاجة إلى الذكاء للتمييز بين اللذات الطيبة واللذات الضارة، وأن من الواجب أن تربى في الطفل عادة الاعتدال وإدراك "الأواسط الذهبية للأمور" خشية أن يأتي الذكاء متأخراً بعد فوات الوقت (١٠٤).

وتتكون النفس أو أصل الحياة من ثلاث درجات أو أجزاء- الشهوة، والإدارة، والفكر، ولكل جزء من هذه الأجزاء فضيلته الخاصة- الاعتدال والشجاعة، والحكمة؛ ويجب أن تضيف إليها التقوى والعدالة- وأداء واجب الإنسان نحو والديه وآلهته. ويمكن تعريف العدالة بأنها هي تعاون الأجزاء في الكل، أو العناصر في الأخلاق، أو الأهلين في الدولة، بحيث يقوم كل جزء بواجبه اللائق به على الوجه الأكمل (١٠٥). وليس الخير هو الفعل وحده أو اللذة وحدها، بل هو امتزاجهما بنسب ومقادير تنتج منها حياة الفعل (١٠٦). والخير الأسمى كائن في العلم الخالص بالأشكال والقوانين السرمدية، و"أسمى خير" من الناحية الأخلاقية " … هو ما في النفس من قدرة أو موهبة، إذا كان ثمة شيء من هذا النوع تستطيع به أن تعرف الحقيقة، وأن تفعل كل الأشياء من أجل الحقيقة (١٠٧)؛ ومن يحب الحقيقة لا يهمه أن يجزي الإساءة بالإساءة" (١٠٨)، بل يفضل أن يتحمل على أن يرتكب هو الظلم، و"يضرب في الأرض براً وبحراً يبحث عن الناس الذين لا يجد الفساد سبيلاً إليهم، والذين لا تُقَوَّم صحبتهم بالمال أياً كان … والذين يهبون أنفسهم للفلسفة بحق يمتنعون عن الشهوات الجسمية، وإذا ما عرضت عليهم الفلسفة أن تطهرهم من الشر وتحررهم منه، أحسوا بأن من واجبهم ألا يقاوموا تأثيرها فيهم؛ ومن أجل ذلك يميلون نحوها، ويسيرون خلفها للهدف الذي تقودهم إليه" (١٠٩).

وكان أفلاطون قد حرق قصائده وفقد عقائده الدينية، ولكنه ظل مع ذلك شاعراً وعابداً؛ يغمر فكرته عن الخير إحساس قوي بالجمال وتقوى ممتزجة