وللوصول إلى هذا كله في هدوء وسلام يجب أن تشرف الدولة إشرافاً تاماً على شئون التعليم، والنشر، وغيرها من وسائل تكوين الرأي العام، وأخلاق الأفراد، ويجب أن يكون أكبر موظف في الدولة هو وزير المعارف ويجب أن تحل السلطة محل الحرية في شئون التعليم، وذلك لأن ذكاء الأطفال أقل من أن يجيز لنا أن نتركهم يختطون لنفسهم حياتهم. ويجب ألا تفرض الرقابة على الآداب، والعلوم والفنون، فلا يجوز أن يُعبر عن آراء يرى أعضاء المجلس أنها ضارة بالآداب العامة أو الخلق القويم. وإذ كانت طاعة الوالدين والقوانين لا بد أن تستند إلى قوة أعلى من قوة البشر وتأييدها فإن الدولة هي التي تقرر أي الآلهة تُعبد وكيف تُعبد ومتى تُعبد. وكل من يتردد في الخضوع لهذا الدين الرسمي يسجن، فإن أصر على عدم الخضوع له وجب أن يقتل (١٣٨).
وليست الحياة الطويلة نعمة لصاحبها على الدوام. ولقد كان من الخير لأفلاطون أن يموت قبل أن يوجه هذه التهمة لسقراط، وأن يمهد هذا التمهيد لجميع محاكم التفتيش المستقبلة. ولعل دفاعه عن نفسه هو أنه يحب العدالة أكثر من حبه للحقيقة، وأن هدفه هو أن يمحو الفقر والحرب، وأنه لا يستطيع أن يمحوهما إلا بسيطرة الدولة على الأفراد سيطرة تامة، وأن هذه السيطرة لا تكون إلا بواحدة من اثنتين القوة أو الدين. وكان يظن أن ما أصاب الأثينيين من انحلال أيوني في الأخلاق والسياسة لا علاج له إلا بالقوانين الإسبارطية المشتقة من النظام الدوري. والنزعة السارية في تفكير أفلاطون كله هي خوفه من أن يساء استخدام الحرية، وأن يفهم الناس الفلسفة على أنها الرقيب على شئون الناس والمنظمة للفنون. ويعرض أفلاطون في كتاب القوانين تسليم أثينة المحتضرة التي استوفت حياتها لإسبارطة التي قضت نحبها من أيام ليقورغ. وإذا لم يكن في وسع أشهر فلاسفة أثينة أن يقول أكثر مما قال دفاعاً عن الحرية، فمعنى هذا أن بلاد اليونان كانت على أتم استعداد لأن يتولى أمورها ملك. وإذا ما ألقينا نظرة