للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نماءً يصل به إلى أقصى درجة من تحقيق طبيعته. إن لهذا التطور خطة موضوعة ولكنها دفع من الداخل نحو الغرض يجذب كل شيء إلى أن يكمل طبيعته.

ويمتزج بهذه الآراء النيرة كل ما يتوقع الإنسان وجوده في ذلك الزمن القاصي الذي يبعد عنا ثلاثة وعشرين قرناً من أخطاء كثيرة، يبلغ بعضها من الشناعة حداً لا نرى معه حرجاً إذا ظننا أن مؤلفات أرسطو في علم الحيوان قد اختلطت مذكراته بمذكرات تلاميذه. فكتابه في تاريخ الحيوان معين لا ينضب من الأخطاء؛ فهو يقول فيه إن الفئران تموت إذا شربت الماء في الصيف، ولأن الفيلة لا يصيبها إلا مرضان- الزكام والانتفاخ، وإن الحيوانات كلها ما عدا الإنسان يصيبها السعور إذا عضها كلب كلِب (١) وإن ثعبان الماء ينشأ نشأة شيطانية، وإن الإنسان وحده هو الذي يخفق قلبه، وإنه إذا رثجَ صفار بيضات اجتمع وسط الإناء، وإن البيض يطفو فوق الماء الكثير الملح. يضاف إلى هذا أن أرسطو يعرف عن الأعضاء الداخلية للحيوان أكثر مما يعرفه عن الإنسان، فقد يلوح أنه لا هو ولا أبقراط قد تحررا من سلطان الدين فأقدما على تشريح الأجسام البشرية. ومن أجل هذا وقع في أغلاط شنيعة منها قوله أن ليس للإنسان إلا ثمانية أضلاع، وإن أسنان المرأة أقل من أسنان الرجل، وإن القلب أعلى من الرئتين، وإن القلب لا المخ هو مركز الإحساس (٢). وإن وظيفة المخ هي تبريد الدم) بالمعنى الحرفي لهذه العبارة (. وآخر ما نذكره من هذه الأغلاط أنه) هو أو إنسان آخر سمجاً ثقيلاً (قد ذهب بنظرية الخطة الموضوعة مذاهب يضحك منها كل حكيم. "من الواضح أن النباتات قد خلقت لمنفعة الحيوانات، كما خلقت الحيوانات لمنفعة الإنسان" "لقد جعلت الطبيعة الأعجاز للراحة، لأن ذوات الأربع تستطيع أن تقف


(١) ويسمى أيضاً الحديث والقريث والمزف، وهو ضرب من الحيونات البحرية (Eels)
(٢) وقد أوقعه في هذا الخطأ عدم إحساس أنسجة المخ بالتنبيه المباشر. (المترجم)