والدمقراطية- وهو يعني بها حكومة العامة من المواطنين demos لا تقل خطورة عن الألجركية لأنها تعتمد على انتصار الفقراء القصير على الأغنياء في كفاحهما من أجل السلطة؛ ونتيجتها هي الفوضى المؤدية إلى القضاء عليهما معاً. وخير ما تكون الديمقراطية حين يسيطر عليها الملاك الزراعيون، وأسوأ ما تكون حين يسيطر عليها رعاع المدن من الصناع والتجار. نعم إن "حكم الكثرة يكون في كثير من الحالات خيراً من حكم الفرد، لأنها لكثرة أفرادها أبعد عن الفساد والرشوة بعد الماء الكثير من التلوث". ولكن الحكم يتطلب كفاية خاصة ودراية خاصة و "ليس في مقدور من يعيش عيشة الصانع البسيط أو الخادم الأجير أن يحصل على التفوق المطلوب"،) أي على الخلق الطيب والتدريب، وصحة الحكم على الأمور (. وقد خلق الناس كلهم غير متساوين. نعم إن "العدل في المساواة؛ ولكن هذا لا يكون إلا بين الأكفاء". ولا يقل استعداد الطبقات العليا لإثارة الفتن إذا فرضت عليهم مساواة غير طبيعة عن استعداد الطبقات الدنيا للتمرد إذ بلغ عدم المساواة درجة من التطرف غير طبيعية (١). وإذا ما سيطرت الطبقات الدنيا على الدمقراطية فرضت الضرائب على الأغنياء لتوفر المال للفقراء؛ "فإذا أخذه الفقراء شرعوا يستزيدون منه، وما أشبه هذه الحال بصب الماء في المنخل". ومع هذا فإن الرجل المحافظ الحكيم لن يترك الناس يموتون جوعاً، "يجب على الوطني الحق في الحكومة الديمقراطية أن يحذر من أن تكون أغلبية الشعب في فقر مدقع … ، وعليه أن يبذل جهده في أن يوفر لها الخير على الدوام؛ وإذا كان الأغنياء يستفيدون أيضاً من هذا، فإن من الواجب أن يقسم ما يمكن ادخاره من الأموال العامة بين الفقراء بحيث يكفي نصيب كل منهم لأن يبتاع به حقلاً"(٢١٨).
(١) ويظن أرسطو أن الرق نفسه نظام مشروع: فكما أن من الصواب أن يحكم العقل الجسم، فإن من الصواب كذلك أن يحكم المتفوقون في الذكاء من لا يتفوقون إلا في قوة الجسم