ويقترح أرسطو وضع "دستور مختلط" أو إقامة حكم "تمقراطي"، وهو خليط من الأرستقراطية والدمقراطية، ليمنع به هذه الدكتاتوريات المقيدة للحرية سواء أكانت دكتاتورية الأغنياء أم الفقراء. وهو يريد أن يكون حق الانتخاب في هذا النظام مقصوراً على ملاك الأراضي، وأن تكون فيه طبقة وسطى قوية هي مصدر السلطة وقطب دائرتها، "ويجب أن تقسم الأرض قسمين، أحدهما يملكه المجتمع بوجه عام، والآخر يملكه الأفراد متفرقين". ولا بد أن يكون كل مواطن من الملاك، ويجب "أن يطعموا على الموائد العامة جماعات"، وهؤلاء وحدهم هم الذين يقترعون أو يحملون السلاح. وسيكون هؤلاء أقلية صغيرة من السكان، لا تزيد علة عشرة آلاف. "ويجب ألا يسمح لواحد منهم أن يشتغل بمهنة آلية أو يكسب عيشه من طريق التجارة، لأن هاتين المهنتين غير شريفتين، وتقضيان على التفوق". كذلك يجب أل يفلحوا الأرض؛ … بل ينبغي "أن يكون الفلاحون طبقة من الشعب قائمة بنفسها"- ولعله يريد أن تكون من الأرقاء. ويختار المواطنون الموظفين العموميين ويحاسبون كلا منهم على أعماله في نهاية المدة التي يتولى فيها منصبه. ويجب أن تحدد القوانين الموضوعة وفقاً لنظام قويم ما يصدر من الأحكام في جميع القضايا بقدر المستطاع بحيث لا يترك إلا أقل عدد مستطاع منها لتصرف القضاة … " ذلك أن " حكم القانون خير من حكم الفرد … ، وأن من يعهد بالسلطة العليا لإنسان أياً كان إنما يعهد بها إلى وحش من الوحوش، لأن شهواته تجعله في بعض الأحيان وحشاً. وللعواطف أثر كبير فيمن يتولون السلطة، ولو كانوا هم خير من يتولاها، أما القانون فهو العقل مجرداً عن الشهوة. والدولة المقامة على هذا النظام تتولى تنظيم الملكية، والصناعة، والزواج، والأسرة، والتعليم، والأخلاق، والموسيقى، والأدب، والفن. "وأحق من هذا كله بالعناية ألا يتجاوز عدد الناس حداً معيناً … لأن إهمال هذا