ولما تقدم ليسياس Lysias نائب الملك بجيش جديد ليسترد به العاصمة، شاع بين الجند أن أنتيوخوس قد مات-وكانت هذه الشائعة صادقة في هذه المرة (١٦٣). وأراد ليسياس أن يكون حراً في العمل في غير هذا الميدان فعرض على اليهود أن يترك لهم حريتهم الدينية الكاملة إذا ما ألقوا السلاح؛ فرضي بذلك "المتقون" ورفضه المكابيون، وأعلن بوداس أن بلاد اليهود لا تأمن على نفسها من الاضطهاد إلا إذا نالت استقلالها السياسي والديني جميعاً. وسكر المكابيون بخمرة النصر فبدؤوا أنفسهم يضطهدون أعداءهم، وينتقمون من الحزب المشايع لليونان في أورشليم وفي المدن المجاورة للحدود (٢٧). وفي عام ١٦١ هزم بوداس نكانور Nicanor عند أداسا Adasa نفسه بأن عقد حلفاً مع رومة، ولكنه قُتل في تلك السنة نفسها وهو يحارب جيشاً أقوى من جيشه عند إلاسا Elasa. وواصل أخوه يوناثان الحرب بشجاعة عظيمة ولكنه قُتل هو الآخر عند عكا (١٤٣). ولم يبق بعدئذ من الأخوة الخمسة إلا سيمون، وقد استطاع بمعونة رومة أن ينال من دمتريوس الثاني في عام ١٤٢ اعترافاً باستقلال بلاد اليهود. وعين سيمون بمرسوم شعبي حاخاماً أكبر وقائداً عسكرياً، وإذ كان هذان المنصبان قد أصبحا وراثيين في هذه الأسرة فقد أضحى هو مؤسس الأسرة المالكة الهزمونية Hasmonean، وعدت أول سني حكمه بداية التاريخ الجديد، وصدرت عملة تعلن مولد الدولة اليهودية الجديدة.