للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإمبراطور؛ ولا يكاد يخامرنا أدنى شك في أنها هي المجموعة الأصلية التي نحتها أجسندر Agesander، وبليدوروس Polydorus، وأثينودوروس Athenodorus من قطعتين كبيرتين من الرخام في القرن الثاني أو الثالث قبل الميلاد (١٨). وقد هز كشفها مشاعر إيطاليا في عهد النهضة وكان لها أعمق الأثر في ميكل أنجلو الذي حاول عبثاً أن يعيد إلى التمثال الأوسط فيها ذراعه اليمنى الضائعة (١). وكان لاؤكؤون الذي تسمى المجموعة باسمه كاهناً طروادياً نصح الطرواديين بأن لا يقبلو االحصان الخشبي حين بعث به اليونان إليهم وقال لهم، كما يروي فرجيل، "أني أخشى اليونان حتى وهم يحملون إلينا الهدايا Timeo Danaos et Dona Ferentes (١٩) ". وأرادت أثينا التي تحب اليونان أن تعاقبه على حكمته فأرسلت إليهِ حيتين لتقتلاه. فقبضتا أولاً على ولديهِ، وأبصرهما لاؤكؤون فهجم عليهما لينقذهما، فوقع بين طيات الحيتين، وانتهى الأمر بأن طُحنت أجسامهم جميعاً وماتوا من سم أنياب الحيتين. ولقد أجاز المثالون لأنفسهم ما أجازه فرجيل لنفسهِ (وما أجازه لنفسه سفكليز في فلكتيتس) فعبروا عن الألم بقوة، ولكن النتيجة لا تتفق وما في طبيعة الحجر من دوام. إن الألم في الأدب وفي الحياة عادةً لا يدوم؛ أما في اللاؤكؤون فأن صرخة الألم قد دامت دواماً غير طبيعي، والناظر إليها لا يتأثر كما يتأثر بحزن دمتر الصامت (٢). على أن الذي يثير إعجابنا هو براعة الفكرة وإتقان التنفيذ. نعم إن العضلات قد بولغَ فيها، ولكن أطراف الكاهن الشيخ، وجسمي ولديهِ قد صيغا صياغة مثلت في كثير من الهيبة والتحفظ ولعلنا لو عرفنا


(١) والذراع المعادة التي في الفاتيكان من صنع برنيني Bernini، وهي متقنة الصنع في تفاصيلها، غير أنها تفسد على المجموعة وحدتها المركزية. ولكن ونكلمان رغم هذا قد أعجب بالمجموعة إعجاباً حمل لسنج Lessing حين قرأ وصفه إياها على أن يؤلف كتاباً في نقد حاسة الجمال، يشير إليها تارة من طرف خفي ويدور حولها تارة أخرى في صراحة واضحة.
(٢) البادي في تمثال دمتر المحفوظ بالمتحف البريطاني.