نتيجة مقنعة؛ ولكن الجندي لم يؤثر فيه رجاء الرجل فقتله من فوره (١٦)". ولما سمع بذلك مارسلس حزن عليه وبذل كل ما في وسعه ليواسي أهل القتيل (١٧). وأقام القائد الروماني قبراً فخماً تخليداً لذكراه نقش عليه بناء على رغبة العالم الرياضي كرة داخل اسطوانة. ذلك أن أركميديز كان يعتقد أن وصوله إلى القوانين التي أوجد بها مساحتي هذين الشكلين وحجميهما أعظم ما عمله في حياته. ولم يكن الرجل في ظنه هذا بعيداً كل البعد عن الصواب، فإن إضافة نظرية هامة إلى نظريات الهندسة أعظم قيمة للإنسانية من حصار مدينة أو الدفاع عنها. ومن حق أركميديز علينا أن نضعه في المستوى الذي نضع فيه نيوتن، وأن تقول إنه ترك للعالم "عدداً من الاكتشافات الرياضية الجليلة الشأن لا يفوقه فيه إنسان بمفرده في تاريخ العالم كله (١٨) ".
ولولا كثرة الأرقاء وقلة أجورهم لكان أركميديز زعيم انقلاب صناعي حقيقي. ذلك أن رسالة في المسائل الميكانيكية تعزى خطأ إلى أرسطو، ورسالة في الأثقال تعزى خطأ إلى إقليدس، قد وضعتا عدة قوانين أولية في علم القوى المحركة (الديناميكا) وعلم القوى المتوازنة (الأستاتيكا) قبل أركميديز بمائة عام. وأحال استراتو اللمبسكسوسي Strato of Lampasacus، الذي تولى بعد ثاوفراسطوس رياسة اللوقيون، ماديته الجبرية إلى علم الطبيعة وصاغ (حوالي عام ٢٨٠) المبدأ القائل بأن "الطبيعة تكره الفراغ (١٩) ". ولما أن أضاف إلى ذلك قوله إن "الفراغ يمكن إيجاده بوسائل اصطناعية" مهد بذلك السبيل إلى ألف من المخترعات. فدرس تسبيوس الإسكندري Ctesibius طبيعة الممصات (وكانت مستخدمة في مصر من عام ١٥٠٠ ق. م) واخترع المضخة الرافعة، والأرغن المائي، والساعة المائية. وأكبر الظن أن أركميديز قد حسن اللولب المائي المصري (الطنبور) الذي أطلق عليه اسمه على غير علم منه، وهو الآلة