تأثر بيرس بما رآه من صفات الرومان، فدعاه هذا كما دعاه يأسه من تلقي العون الكافي من يونان إيطاليا، إلى أن يرسل قنياس إلى رومة ليفاوضها في الصلح. وأوشك مجلس الشيوخ أن يوافق على هذا، ولكنه فوجئ بأبيوس كلوديوس Appius Claudius، وكان أعمى يشرف على الموت، يحمل إليه ليحتج على عقد الصلح مع جيش أجنبي في أرض إيطالية. فلما عجز بيرس عن نيل بغيته اضطر أن يواصل الحرب، وانتصر انتصاراً انتحارياً آخر في أسكولوم Asculum، ثم عاوده اليأس من الفوز على رومة فعبر البحر إلى صقلية معتزماً أن يخلصها من القرطاجيين. وفيها صد القرطاجيين ببطولتهِ المتهورة، ولكن يونان صقلية كانوا أجبن من أن يخفوا لنجدتهِ، أو لعله كان يحكمهم حكماً استبدادياً كما يحكم كل طاغية. وسواء كان هذا أو ذاك هو السبب فإن أهل صقلية لم يمدوه بما يحتاجه من العون، فاضطر إلى ترك الجزيرة بعد أن ظل يحارب فيها ثلاث سنين. ونطق وهو يغادر بنبوءتهِ المأثورة:"أي ميدان قتال اتركه لقرطاجة ورومة! " ولما وصل إلى إيطاليا كانت قواته قد نقصت نقصاً كبيراً، فهزم في بنفنتوم Beneventum (٢٧٥) ، حيث أثبتت الكتائب المتحركة الخفيفة السلاح لأول مرة تفوقها على الصفوف المتراصة الحركة، فكان ذلك بداية مرحلة جديد في تاريخ الحروب (٥). وعاد إلى إبيروس، كما يقول الفيلسوف أفلوطرخس:
"بعد أن قضى في هذه الحروب ست سنين؛ ومع أنه قد أخفق في أغراضهِ فقد احتفظ بشجاعة لم تنل منها كل هذه المصائب، ويضعه الناس لكثرة تجاربهِ الحربية، وبأسهِ، وجرأتهِ، في منزلة أعلى من منزلة سائر أمراء عصره. ولكن الذي ناله بشجاعتهِ قد خسره مرة أخرى بسبب آماله المتطرفة؛ وكانت رغبته في نيل ما لا يملك سبباً في ضياع ما كان يملك (٦) ".