الألوان. وقد برعوا في حفر الخشب يصنعون منه كل ما يصلح لصنعه من قوارب وعربات وكراسي، وأسرة، وتوابيت جميلة تكاد تغري الأحياء بالموت. واتخذوا من جلود الأنعام ملابس وكنانات، ودروعاً، ومقاعد. وقد صورت على جدران المقابر كل الفنون المتصلة بدبغ الجلود، ولا يزال الأساكفة إلى الآن يستخدمون السكاكين المقوسة المصقولة على تلك الجدران في أيدي دابغي الجلود (٦١). وصنع المصريون من نبات البردي الحبال والحصر والأخفاف والورق. وابتدعوا فن الطلاء بالميناء والورنيش واستخدموا الكيمياء في الصناعة. ومن الصناع من كان يعمل في نسج القماش من أدق الخيوط المعروفة في تاريخ النسج كله. وقد عثر المنقبون على نماذج من الكتان منسوجة من أربعة آلاف عام، وعلى الرغم من عوادي الأيام فإن " خيوطها قد بلغت من الدقة حداً لا يستطيع الإنسان معه أن يميزها من خيوط الحرير إلا بمجهر. وإن أحسن ما أخرجته المناسج الآلية في هذه الأيام ليعد خشنا إذا قيس إلى هذا النسيج الذي كان يصنعه المصريون الأقدمون بأنوالهم اليدوية (٦٢). وفي هذا يقول بسكل: "إذا فاضلنا بين قدرة المصريين الفنية وقدرتنا نحن، تبين لنا أننا كنا قبل اختراع الآلة البخارية لا نكاد نفوقهم في شيء" (٦٣).
وكانت الكثرة الغالبة من الصناع من الأحرار، وقلتهم من الرقيق. وكان العاملون في كل صناعة من الصناعات يؤلفون طبقة خاصة كما هو الحال في الهند اليوم. وكان يطلب إلى الأبناء أن يتخذوا صناعات آبائهم (١). وقد جاءتهم الحروب بآلاف من الأسرى فكانوا عونا على إنشاء الضياع الواسعة وعلى رقي فن الهندسة. وقد أهدى رمسيس الثالث في أثناء حكمه ٠٠٠ ر ١١٣ أسير إلى الهياكل". وكان النظام المألوف للصناع الأحرار أن تؤلف منهم فرق تتبع
(١) ويضيف ديودور إلى هذا قوله: "إذا اشترك صانع في الشؤون العامة ضرب ضرباً موجعا"