للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قصة لكريشيا، وكسب بذلك معونته وتأييده. وفر تاركوين إلى بلاد إتروريا وطلب إلى أهلها أن يعدوه إلى عرشه (١).

ودعيت في روما وقتئذٍ جمعية من أهلها الجنود فاختارت بدل الملوك الذين كانوا يختارون مدى الحياة قنصلين (٢) متعادلين في السلطان، كلاهما رقيب على الآخر ومنافس له، يحكمان مدة عام واحد. وتقول الرواية إن القنصلين الأولين كانا بروتس وكلاتنس ولكن ثانيهما استقال من منصبه فاختير بدله ببلوس فالريوس Publius Valirius الذي لقب فيما بعد ببلكولا Publicola - أي "صديق الشعب"- لأنه تقدم إلى الجمعية بعدة قوانين ظلت من القواعد الأساسية في دستور روما وهي: أن كل من يحاول أن ينصب نفسه ملكاً يجوز قتله من غير محاكمة؛ وكل من يحاول أن يتولى منصباً عاماً من غير رضاء الشعب يعاقب بالإعدام؛ وكل مواطن يحكم أحد الحكام بإعدامه أو جلده يحق له أن يعرض أمره على الجمعية. وفالريوس هو الذي سن السنة التي كانت تحتم على القنصل إذا أراد أن يدخل الجمعية أن يفصل رأس البلطة عن مقبضها ويخفضها إشارة إلى سيادة الشعب والى أن عقوبة الإعدام في وقت السلم من حق الشعب وحده.

وأهم نتائج هذه الثورة اثنتان: أولاهما أنها حررت روما من سلطان التسكانيين، والثانية أنها استبدلت بحكم الملوك حكم الأشراف الذي ظلوا يحكمونها إلى عهد قيصر. أم الفقراء من المواطنين فلم تنصلح أحوالهم بعد الثورة بل ساءت عما كانت عليه؛ فقد طلب إليهم أن ينزلوا عن الأراضي التي وهبها لهم سرفيوس


(١) يرى معظم العلماء من أيام نيبهر Niebhur أن قصة لكريشيا من خلق الخيال وشكسبير. ولسنا نعرف ما في هذه القصة من حقيقة وما فيها من خيال الشعراء. ويرى البعض أن بروتس نفسه شخصية خرافية، ولكن أكبر الظن أن الذين يقولون بهذا يسرفون في تشككهم.
(٢) أو قائدين يلقب كل منهما بريتور Praetor - كما تقول رواية أخرى.