بعض تكون من رؤساء عشائرها مجلس للشيوخ يتألف من ثلاثمائة من الأعضاء. ولم يكن هؤلاء الأعضاء رجال نعيم وترف كما كان خلفاؤهم فيما بعد، فكثيرًا ما كانوا يمسكون بأيديهم الفأس والمحراث، ويعيشون على أبسط الطعام، ويرتدون أثوابًا من غزل بيوتهم، وكان العامة يعجبون بهم حتى وقت كفاحهم. ويصفون كل ما يتصل بهم تقريبًا بأنه "من الطراز الأول أو الطبقة الأولى Classlscus" (٢) .
وكان يدانيهم في الثراء، وينقص عنهم كثيرًا في السلطة السياسية رجال الأعمال equites. ومن هؤلاء من بلغوا من الثراء درجة أمكنتهم من أن يشقوا طريقهم إلى مجلس الشيوخ، ويكونوا فيه القسم الثاني من الرجال "الأشراف والمسجَّلين معهم". وكان يطلق عل هاتين الطبقتين اسم "الرتبتين" ويلقبون "بالصالحين" Boni، وذلك لأن الحضارات القديمة كانت تقرن الفضيلة بالمرتبة والكفاية والسلطان؛ وكان معنى الفضيلة Virtus عند الرومان هو الرجولة أي الصفات التي تكون من مجموعها الرجل vir. ولم تكن كلمة Populus " الناس" تشمل غير هاتين الطبقتين العاليتين، وكان هذا هو المعنى الذي يفهم في بداية الأمر من هذه الحروف الأربعة S P Q R (Senatus Populusque Romanus) التي كانت تنقش في زهو وخيلاء على عشرات الآلاف من الآثار (٣). فلما شقت الديمقراطية طريقها في رومه تغير معنى كلمة Populus تدرجاً حتى شملت عامة الشعب أيضًا.
وكانت الكثرة الغالبة من المواطنين الرومان تتكون من هذه الطبقة. وكان منها الصناع والتجار، ومنها الأرقاء المحررون وكثير منها فلاحون، ولعلهم كانوا في بداية أمرهم أهل تلال المدينة الذين غلبوا على أمرهم، وكان منهم من يتصل بوصفه مولى Clientes أو تابعًا بشريف Patronus