للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يسجن المدين الذي يتكرر عجزه عن الوفاء بدينه في سجن انفرادي، وأن يبيعه بيع الرقيق بل أن يقتله. وقد جاء في القانون أن في وسع الدائنين لشخص ما مجتمعين أن يقطعوا جسد المدين العاجز عن الوفاء ويقسموه فيما بينهم- وهو إجراء يلوح أنه لم ينفذ قط (٤). وطلب العامة أن تلغي هذه القوانين، وأن يخفف عنهم عبء ما تراكم عليهم من الديون، وأن توزع الأرض التي تنال بالحرب وتمتلكها الدولة على الفقراء بدل أن توهب للأغنياء أو تباع لهم بأثمان اسمية؛ وأن يكون من حق العامة أن يختاروا حكامًا وكهنة، وأن يتزوجوا من الأشراف ورجال الأعمال، وأن يكون لهم مثل من طبقتهم في أعلى الوظائف الحكومية. وحاول مجلس الشيوخ أن يقف هذه الحركة بإثارة الحروب الخارجية، ولكنه دهش إذ رأى أن الدعوة إلى حمل السلاح لم يستجب لها أحد. وفي عام ٤٩٤ ق. م "انشق" عليهم عدد كبير من العامة ونزحوا إلى الجبل المقدس على نهر أنيو Anio على مسيرة نحو ثلاثة أميال من المدينة، وأعلنوا أنهم لن يعملوا أو يحاربوا من أجل رومه حتى تجاب مطالبهم. ولجأ مجلس الشيوخ إلى جميع الحيل السياسية أو الدينية لإغراء العامة بالرجوع إلى رومه، ولكن هؤلاء أصروا على مطالبهم؛ فلما خشى أن تقع البلاد في القريب بين ناري الغزو الخارجي والشقاق الداخلي وافق على إلغاء الديون أو تخفيضها، وعلى تعيين تربيونين (١) وثلاثة إيديلين Aediles يختارون من بين العامة للدفاع عن مصالحهم. ورجع العامة إلى رومه ولكنهم أقسموا قبل رجوعهم بأحرج الإيمان أن يقتلوا كل رجل يعتدي على ممثليهم في الحكومة (٥).

وكانت هذه هي المعركة الأولى في حرب الطبقات التي لم تنته إلا بانتهاء عهد الجمهورية وبعد أن قضت عليها. وحدث في عام ٤٨٦ أن اقترح القنصل


(١) التربيون محام عن العامة يختار من بينهم والإيديل موظف يشرف على المباني العامة والألعاب والأسواق والشرطة.