أن يكون للعامة حق الزواج من الأشراف، وأن يختار منهم قناصل. ورأى مجلس الشيوخ أن البلاد مهددة مرة أخرى بأن يغزوها جيرانها ليثأروا لأنفسهم منها، فأجابوا أول المطلبين وتخلصوا من المطلب الثاني بأن رضوا أن يكون لستة من التربيونين الذين تختارهم جمعية المائة سلطة القناصل. ورد العامة على هذا الجميل بمثله فاختاروا الستة tribuni militum consulari potestate من بين طبقة الأشراف.
وضمت الحرب الطوية التي قامت بين رومه وفياي (٤٠٥ - ٣٩٦)، وهجمات الغالبين عليها، صفوف الأمة إلى حين، فهدأت ثائرة النزاع الداخلي، ولكن النصر والهزيمة على السواء تركا العامة فقراء معدمين، فقد أهملت أراضيهم أو انتزعت منهم وهم يدافعون عن بلادهم، وتراكمت عليهم فوائد الديون حتى لم يعد في وسعهم أن يوفوا بها. ولم يرحمهم الدائنون أو يصغوا لشكاياتهم، بل أصروا على طلب حقهم من رؤوس أموال وأرباح، وإلا كان الإسترقاق والسجن جزاء المدينين. وفي عام ٣٧٦ اقترح التربيونان ليسنيوس Licinius وسكستيوس Sextius أن تخفض أصول الديون بقدر ما وفي به من فزائدها، وأن يؤدي الباقي بعدئذ في خلال ثلاث سنين، وألا يحق لإنسان فيما بعد أن يمتلك أكثر من خمسمائة يجيرا iugera (نحو ثلاثمائة فدان) من الأرض، وألا يتجاوز العبيد الذين يعملون فيها نسبة معينة من العمال الأحرار، وأن يختار أحد القنصلين من العامة على الدوام. وظل الأشراف يعارضون في هذه المطالب عشر سنين؛ وكانوا في أثناء ذلك على حد قول ديوكاسيوس Dio Cassius " يثيرون حربًا في إثر حرب حتى يشغلوا بذلك الشعب فلا يثير مطالبه الخاصة بامتلاك الأرض (٩) ". ولما تهددهم العامة آخر الأمر بانسحاب (١) جديد قبل
(١) كان عمل الرقيب في رومه هو حفظ السجلات المحتوية على أملاك المواطنين وفرض الضرائب عليهم ومراقبة أخلاقهم. وكانت منصب البريتور يلي منصب القنصل في الرتبة.