ليختار لهذا المنصب؛ فإذا عرف هذا رأس اجتماع الجمعية المئوية في اليوم التالي، ولم يعرض عليها إلا أسماء الذين تبين من نظرته في النجوم أنهم صالحون (١٤). وبهذه الطريقة كان الأعيان يحولون بين الحديثي النعمة والزعماء المهرجين وبين تسم هذا المنصب الرفيع. وكانت الجمعية في معظم الحالات تلتزم هذا الخداع الصالح حتى لا تقع في الزلل، أو لأنها لا تجرؤ على مخالفة الأوامر الصادرة إليها. وكان المرشح يحضر الاجتماع بنفسه مرتديًا ثوب الترشيح، وهو ثوب أبيض بسيط، علامة على بساطة حياته وخلقه؛ ولعله كان يحتار ليسهل على المرشح أن يظهر للأعضاء ندب الجروح التي أصيب بها في ميادين القتال. فإذا نجح تولى منصبه في اليوم الخامس عشر من شهر مارس التالي ليوم الانتخاب. وكان القنصل يخلع القداسة على منصبه بتوليه رياسة الطقوس الدينية الخطيرة. وكان في وقت السلم يدعو مجلس الشيوخ والجمعية المئوية إلى الانعقاد، ويرأس جلساتهما، ويقترح القوانين، وينفذها، ويوزع العدالة بين الناس. وكان في أوقات الحرب يجيش الجيوش، ويجمع ما يلزمها من الأموال، ويشترك مع زميله القنصل الثاني في قيادة الفيالق العسكرية؛ فإذا مات القنصلان كلاهما أو وقعا في الأسر أثناء السنة التي يتوليان فيها عملهما أعلن مجلس الشيوخ قيام فترة خلو المنصبين Interregnum، وعين من يتولى تصريف الأمور Interrex (ملك فترة) مدة خمسة أيام تتخذ العدة في أثنائها لانتخاب جديد. ويدل هذا اللفظ الأخير على أن القنصلين قد ورثا في مدة عملهما القصيرة سلطات الملوك.
وكانت سلطة القنصل تحددها سلطة زميله القنصل الثاني المساوية لسلطته، وما يفرضه عليه مجلس الشيوخ، وبما كان للتربيون من حق الاعتراض على قراراته. وقد اختير في عام ٣٦٧ ق. م أربعة عشر تربيونًا عسكريًا لقيادة القبائل في الحرب وعشرة "تربيونين من العامة" يمثلونهم في أوقات السلم. وكان هؤلاء جميعًا يعدون أشخاصًا محصنين إذا مسهم أحد بسوء إلا في عهد الدكتاتورية القانونية عد ذلك خروجًا على الدين وجريمة يعاقب مرتكبها