عرض الكثير منها على المحامين في هذه الأيام. وكان الكهنة وحدهم هم الذين يعرفون القوانين والسنن التي لا يكاد يستطاع عمل شيء مشروع إلا باتباعها. وكانوا في رومه هم المستشارين القانونيين، وكانوا هم أول من يبدي الرأي القانوني ressponsa في مهام الأمور. وكانت القوانين تسجل في كبتهم، وكانوا يحتفظون بهذه الكتب بعيدة عن متناول العامة؛ وبلغ من حرصهم عليها أن اتهموا في بعض الأحيان بتغيير نصوص القوانين لكي تتفق مع أغراض الأشراف أو رجال الدين. ولقد أحدثت الألواح الاثنا عشر انقلابًا قضائيًا مزدوجًا، ذلك أنها أذاعت القانون الروماني ونشرته وأنها صبغته بالصبغة الدنيوية غير الدينية. وتمثل هذه الألواح- كما تمثل غيرها من كتب القانون التي دونت في القرنين السادس والخامس قبل الميلاد كقوانين كارنداس Charondas، وزليكس Zaleucus، ليقورغ Lycurgus، وصولون Solon- مرحلة انتقال من العادات غير الثابتة غير المكتوبة إلى مرحلة القانون المحدد المدون، وكان هذا العمل نتيجة انتشار القراءة والكتابة بين الناس وتمكن الروح الديمقراطية فيهم. يضاف إلى هذا أن "قانون المواطنين" ius civile، كما هو مدون في الألواح الاثني عشر، قد تحرر من الصبغة الدينية أو "القانون الديني" ius divinum كما يقول الرومان أنفسهم، وكأن رومه بعملها هذا استقر رأيها على إلا تكون دولة كهنوتية. وضعف سلطان الكهنة فوق هذا الضعف وحرموا من احتكارهم تفسير القوانين وتنفيذها حين نشر أمين سر أبيوس كلوديوس Appius Claudius " الأعمى" في عام ٣٠٤ تقويمًا يشتمل على أيام اجتماع المحاكم يعرف "بأيام الأفوال dies fasti"، ومرسومًا بما يجب اتباعه من الإجراءات القضائية، ولم تكن يعرف هذه وتلك من غير الكهنة إلا عدد جد قليل. وخطا الرومان خطوة أخرى في صبغ القانون بالصبغة الدنيوية حين بدأ كرنكانيوس Coruncanius في عام ٢٨٠ ق. م يعلم الشعب القانون الروماني وهو أول عمل