الولائم، وقدموا له من الهدايا ما يتناسب مع ما ينتظرونه منه. وقد جاء في أحد النقوش أن نبيلا من النبلاء أهدى أمنحوتب الثاني " عربات من الفضة والذهب وتماثيل من العاج والأبنوس، وجواهر، وأسلحة وتحفا فنية " و ٦٨٠ درعاً، و ١٤٠ خنجراً من البرنز ومزهريات كثيرة من المعادن الثمينة (٨٩). وجازاه الملك على هذا بأن أخذ ابنه معه ليعيش في قصره- وهي طريقة ماكرة لاتخاذه رهينة يضمن بها ولاء هذا الشريف. وكان يتألف من أكبر رجال البلاط سناً مجلس شيوخ يسمى سارو أي مجلس العظماء مهمته أن يكون مجلساً استشارياً للملك (٩٠). على أن هذه الاستشارة لم تكن في الواقع ضرورية لأن الملك ومن ورائه الكهنة كان يدعى أنه من سلالة الآلهة وأن الآلهة نفسها قد وهبته السلطة والحكمة. وكان اتصاله بالآلهة على هذا النحو مصدر نفوذه وهيبته. ومن أجل هذا كانت تخلع عليه إذا خوطب صفات من الإجلال يدهش لها الإنسان أحيانا. من ذلك ما جاء في قصة سنوحى إذ يحييه مواطن صالح بقوله:"أيها الملك الطويل العمر أرجو أن تهب الواحدة الذهبية (أي الإلهة حتحور) الحياة لأنفك"(٩١).
وكان يقف على خدمة الملك- كما يليق بشخص هذه عظمته- عدد كبير من مختلف الأعوان منهم القوّاد، وغاسِلو الملابس، وقُصّارها، وحراس خزائنها، وغيرهم من ذوي المراتب الرفيعة. وكان عشرون من الموظفين يشتركون في تزيينه، منهم حلّاقون لا يسمح لهم إلا بقص شعره وحلْق لحيته، وآخرون لإلباسه قلنسوته وتاج رأسه، ومدرمون يقصون أظافره ويدرمونها، ومعطرون يعطرون جسمه ويكحلون جفون عينيه، ويحمرون خديه وشفتيه بالصبغة الحمراء (٩٢). وجاء في نقش على أحد القبور أن صاحب القبر كان "المشرف على صندوق دهان الشعر والوجه، المسيطر على الدهان، حامل ُخفي الملك، والذي يعني بخفيه العناية التي يرضاها القانون"(٩٣). وكان الانحلال والضعف عاقبة هذا التنعم المفرط، وكان الملك يلجأ في بعض الأحيان إلى الترويح عن نفسه وإزالة ما يعتريه من ملل