للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يحملون الأغلال ليسلكوا فيها الأسرى الذين يأملون أن يبيعوهم في الأسواق بيع العبيد. واستطاع هنيبال ومعه جزء من جيشه أن يخدع جيش فلامينيوس فيستدرجه إلى سهل تكتنفه التلال والغابات اختبأ فيها معظم جنوده؛ فلما ضمه هذا السهل أشار إلى طوابيره المختبئة فانقضت على الرومان من كل الجهات وأفنتهم عن آخرهم تقريباً؛ وقتل فلامينيوس نفسه (٢١٧).

وبذلك سيطر هنيبال على شمالي إيطاليا كله، ولكنه كان يعرف أن أمامه عدوًا عنيدًا يبلغ عدده عشرة أضعاف عدد رجاله، وكان أمله الوحيد في التغلب على هذا العدو هو أن يقنع بعض الولايات الإيطالية بالخروج على رومه. وكانت وسيلته إلى هذا أن أطلق سراح كل من وقع في أسره من أحلاف رومه، وقال إنه لم يأت ليحارب إيطاليا بل جاء ليحررها من الاستعمار. ثم خاض إتروريا التي كانت تغمرها المياه، وظل أربعة أيام كاملة لا يجد أرضًا جافة يقيم فيها معسكره، فعبر جبال الأبنين إلى شاطئ البحر الأدرياوي، حيث سمح لجنوده أن يقضوا فترة طويلة يستعيدون فيها نشاطهم، ويداوون فيها جراحهم، وكان هو نفسه مصابًا برمد خطير في عينيه، ولكنه لم يعالجه فانتهى بفقد إحداهما. وبعد أن استراح جيشه اتجه به نحو الجنوب بمحاذاة ساحل إيطاليا الشرقي، وأخذ يعرض على القبائل الإيطالية أن تنضوي تحت لوائه، ولكن واحدة منها لم تستجب لدعوته، بل فعلت عكس هذا فكانت كل مدينة تغلق أبوابها دونه وتتأهب للقتال. وحينما اتجه إلى الجنوب أخذ حلفاؤه الغاليون يتخلون عنه لأنهم لم يكن يعنيهم إلا مصير موطنهم في الشمال. وبلغ من كثرة المؤامرات التي دبرت لاغتياله أن صار يتخفى في كل يوم بشكل جديد. وأخذ يتوسل إلى حكومته أن ترسل إليه المدد والعتاد والزاد عن طريق الثغور الواقعة على البحر الأدرياوي، ولكن حكومته خيبت رجاءه، فطلب إلى هزدروبال أخيه الأصغر- وكان قد تركه في أسبانيا- أن يعد فيها جيشًا يعبر به بلاد غالة وجبال الألب وينضم