العرف بين الفنانين المصريين على أن يرسموا الرجال حمرا والنساء صفروات؛ ولربما كان هذان اللونان مجرد طرازين من الزينة للرجال والنساء. هذا شأن الطبقات العليا، أما الرجال من عامة الشعب فكان يمثل بالصورة التي نراها في تمثال شيخ البلد، قصير القامة، ممتلئ الجسم، كاسي القصب، وذلك لطول كده وطعامه غير المتزن. وكانت ملامحه خشنة، وكان أفطس الأنف أخشمه، ذكيا ولكنه خشن الطباع. ولربما كان الشعب وحكمه من سلالتين مختلفتين، شأنهم في هذا شأن كثير من الشعوب: فلعل الحكام كانوا من أصل آسيوي وعامة الشعب من أصل إفريقي. وكان شعرهم أسود، أحجن في بعض الأحيان، وقلما كان قَطَطاً. وكان النساء يقصصن شعورهن كأحسن ما يقصصنه في هذه الأيام؛ وكان الرجال يحلقون لحاهم ويخفون شواربهم ويزينون أنفسهم بشعور مستعارة فخمة. وكثيرا ما كانوا يقصون شعر رأسهم ليسهل عليهم لبس هذه الشعور المستعارة. وحتى زوجة الملك نفسها كانت تقص شعرها كله ليسهل عليها لبس التاج والشعر الملكي المستعار (كما ترى هذا في صورة تي أم إخناتون). وكان من المراسم التي لا يستطيع الملك الخروج عليها أن يلبس أكبر ضفيرة مستعارة (١٢٢).
وكانوا يستعينون بفنون التجميل على إصلاح عيوب أجسامهم كل منهم حسب موارده. فكانوا يحمرون أوجههم وشفاههم، ويلونون أظافرهم، ويدهنون أعضاء أجسامهم بالزيت، وحتى تماثيل المصريات كانت تكحل عيونها. وكان ذوو اليسار منهم يضعون في قبور موتاهم سبعة أنواع من الأدهان ونوعين من الصبغة الحمراء. وقد وجدت بين آثارهم كميات كبيرة من أدوات الزينة، والمرايا، والمواسي، وأدوات تجعيد الشعر، ودبابيسه، والأمشاط، وصناديق الأدهان، والصحاف والملاعق- مصنوعة من الخشب، أو العاج، أو المرمر، أو البرنز، ذات أشكال جميلة تتفق والأغراض التي تستخدم فيها. ولا تزال بعض أصباغ العيون باقية في أنابيبها إلى يومنا هذا، وليس الكحل الذي تستعمله النساء في هذه الأيام لتزيين حواجبهن ووجوههن إلا صورة أخرى من الزيت الذي كان المصريون