موكب النصر الذي أقيم لمرسلس بما كان فيه من التماثيل المسروقة من سرقوسة (٢١٢)؛ وعرض سبيو الإفريقي في عام ٢٠٧ أربعة عشر ألف رطل من الفضة، وفي عام ٢٠٢ مائة وثلاثة وعشرين رطلاً استولى عليها في أسبانيا وقرطاجنة، وتبعها سبعون ثوراً أبيض تسير إلى مصرعها سير الفلاسفة، ومن ورائها زعماء العدو المأسورون ثم الجلادون، والضاربون على القيثار، والزمارون، وحاملو آنية البخور. ومن بعد هؤلاء كلهم يمر القائد نفسه في عربة زاهية مزينة ويلبس جبة أرجوانية، وعلى رأسه تاج من الذهب، وفي يده صولجان من العاج وغصن من شجر الغار، وهما رمز النصر، وشعار جوف jove. وكان يركب معه في العربة أحياناً أبناؤه، ويركب في عربة تسير بجوارها أقاربه؛ ثم يأتي من خلفهم أمناء سره من المدنيين والعسكريين. ويأتي في آخر الموكب الجنود يحمل بعضهم ما نالوه من الأعطية، وعلى رأس كل منهم تاج، يمتدحون قوادهم، وبعضهم يسخرون منهم. ذلك أن التقاليد المرعية التي لا يمكن خرقها كانت تترك للجنود في هذه الفترات القصيرة كامل الحرية في أن ينطقوا بما يريدون أن ينطقوا به دون أن يعاقبوا عليه، وذلك لكي يذكروا المنتصرين المزهوين بنصرهم أنهم كسائر الناس معرضون للأخطاء. وكان القائد يصعد الكبتول إلى هياكل جوبتر، ويونو، ومنيرفا، ويضع قدمه عند أقدام الآلهة، ويضحي بحيوان ما؛ وكان يأمر عادة بأن يذبح الزعماء من الأسرى مبالغة في شكر الآلهة. وكان هذا الموكب منظماً تنظيماً يثير في النفس المطامع العسكرية، ويجزي القواد والجند أحسن الجزاء على جهودهم الحربية؛ ذلك أن زهو الإنسان لا يخضعان إلا للجوع والحب.