الروماني- وقرأ عليه المشهد الأول من مسرحية أندريا. وأعجب كاسليوس بهذا المشهد إعجاباً حمله على أن يستبقي الشاعر إلى العشاء معه وأن استرعى أسماع إيمليوس Aemilijus وليليوس، وقد حاول كلاهما أن يصقل أسلوبه فيجعله هو الأسلوب اللاتيني الحبيب إلى قلبه. ومن ثم راجت الإشاعة القائلة بأن ليليوس هو الذي كان يكتب لترنس مسرحياته، وهي إشاعة رأى المؤلف كياسة منه وحصافة إلا يؤيدها أو ينكرها (٣٨). واستمسك ترنس في أمانة وإخلاص بأصول المسرحيات اليونانية التي نقلها إلى اللاتينية وأطلق على هذه المسرحيات أسماء يونانية، وتحاشى أن يشير فيها إلى الحياة الرومانية، ولم يدع لنفسه أكثر من أنه مترجم لهذه الروايات- وهو تواضع منه وبخس لأعماله (٣٩). ولعل الذي دفعه إلى هذا هو تأثره بالهلينية المتغلبة على سبيو وجماعته.
ولسنا نعرف ماذا كان مصير تلك المسرحية التي كان كاسليوس يحبها ويعجب بها أشد الإعجاب، ولكنا نعرف أن هيرا Hecyra مسرحية ترنس الثانية قد أخفقت لأن النظارة غادروا الملهى في أثناء التمثيل ليشهدوا صراعاً للدببة. ثم بسم له الحظ في عام ١٦٢ حين كتب أشهر مسرحياته كلها وهي مسرحية "المعذب نفسه" Heauton Timoroumenos وهي تروي قصة أب منع ابنه أن يتزوج الفتاة التي اختارها لنفسه، ولكن الابن تزوجها رغم هذا، فما كان من الأب إلا أن تبرأ منه ونفاه من البلاد، ثم أنبه ضميره وندم على فعلته وعاقب نفسه على ما فعل بامتناعه عن أن يمس ثروته وبأن يعيش عيشة الكدح والفقر، ثم عرض عليه جار له أن يتدخل في الأمر ليحل مشكلته، فيسأله الأب عما يدعوه إلى الاهتمام بغيره والإشفاق عليهم، فيرد عليه الجار بهذه العبارة المعروفة في جميع أنحاء العالم والتي صفق لها النظارة طرباً وإعجاباً وهي: Hums sum humani nihil a me alienum puto " إني إنسان؛ ولا أرى أن شيئاً مما