قط أن يكون لطيفاً بشوشاً، وكان يؤنب كل من تملقه أشد التأنيب. وقد قال شيشرون إنه أخفق في أن ينتخب قنصلاً لأنه كان يحيا حياة مواطن في جمهورية أفلاطون لا حياة روماني بين حثالة أبناء رميولوس" (٢٩).
ولما عين كوسترا كان سوط عذاب يصب على العجز وعلى استغلال سلطان الوظيفة، وحفظ أموال الخزانة العامة من جميع الغارات السياسية، ولم تضعف يقظته وحرصه على هذه الخزانة بعد أن انقضت فترة توليه منصبه. وكان يصب تهمه على جميع الأحزاب على حد سواء، وقد أفاد من هذه التهم آلاف المعجبين ولكنها لم تترك له صديقاً واحداً. ولما كان بريتوراً أقنع مجلس الشيوخ بأن يصدر قراراً بأن يأمر كل مرشح للقنصلية بياناً مفصلاً بما أنفقه أثناء الحملة الانتخابية، وما اتبعه فيها من الوسائل، وأزعج هذا القرار كثيراً من السياسيين لأن الكثرة الغالبة منهم كانت تعتمد في انتخابها على الرشا، فلما أن ظهر كاتو بعدئذ في السوق العامة أخذوا هم ومواليهم يسبونه ويرمونه بالحجارة، فلم يكن منه إلا أن اعتلى المنصة وواجه المجتمعين وهو ثابت الجنان، وما زال يخطب فيهم حتى خضعوا له. ولما اختير تربيوناً سار على رأس جيش إلى مقدونية، وامتطى خدمه وأتباعه الجياد، أما هو فسار راجلاً. وكان يهزأ برجال الأعمال ويدافع عن الأرستقراطية أو حكم أبناء الأسر الشريفة، ويرى انه إن لم يحكم البلاد هؤلاء الأشراف فلا من مفر من أن يحكمها ذوو الثراء، وهذا شر أيما شر. وشن حرباً شعواء لا هوادة فيها على الذين كانوا يفسدون السياسة الرومانية بالمال والأخلاق الرومانية بالترف، وظل إلى آخر أيام حياته يقاوم يخطوها بمبي أو قيصر نحو الطغيان الفردي. ولما أن قضي قيصر على الجمهورية تخلص كاتو من حياته بيده والى جانبه كتاب من كتب الفلسفة.