يحصل لبمبي على تفويض عجيب، هو أن تكون له السلطة الكاملة مدى ست سنين على كل موارد الطعام في رومه، وعلى جميع الدولة وتجارتها الخارجية. واستطاع بمبي مرة أخرى أن يفيد من هذه السلطة أعظم إفادة، ولكن دستور الجمهورية أصيب مرة أخرى بطعنة نجلاء، وظل حكم الأفراد يحل محل حكم القانون. وكذلك استطاع شيشرون أن يقنع مجلس الشيوخ بالموافقة على اقتراح عرض عليه بتقديم مبلغ كبير من المال لأداء مرتبات جنود قيصر في غالة. وفي عام ٥٤ أفلح في دفاعه عن حكم أولس جابنيوس Aulus Gabinius، حاكم إحدى الولايات وصديق رجال الحكومة الثلاثية، حتى برئ من تهمة ابتزاز أموال الولايات واستخدام العنف في الحصول عليها. وفي عام ٥٥ خسر كل ما كسبه من عطف قيصر ومعونته بهجومه العنيف على وال روماني آخر يدعى كلبيرنيوس بيزو Calpurnius Piso. ذلك أنه لم ينس قط أن بيزو هذا كان من الذين اقترعوا على نفيه، ونسي أن ابنة بيزو كانت زوجة قيصر.
ولما عاد كاتو من قبرص عام ٥٧ ق. م بعد أأعاد تنظيم شؤونها على خير وجه شرع المحافظون يلمون شعثثهم ويعيدون تنظيم صفوفها، وكان كلوديوس قد أضحى وقتئذ عدو بمبي الألد فقبل ما عرضه عليه الأشراف من أن يعيرهم محبة الشعب وعصاباته السفاحة. واتجه الأدب من ذلك الوقت وجهة معادية لقيصر وأخذت قصائد كلفس Clavus وكاتلس Catullus الهجائية تصّوب كالسهام المسمومة معسكر الحكومة الثلاثية. وكلما توغل قيصر في بلاد الغاليين، وتواترت أنباء ما كان يلاقيه فيها من الأخطار الكثيرة، أخذ الأمل يدب من جديد في صدور الشخصيات النبيلة، وقال شيشرون وقتئذ إن "من لم يمت بالسيف مات بغيره".