وأخذت الأحوال على نهر الرين شمالي كولوني تنذر بالشر المستطير. فعبرت النهر قبيلتان ألمانيتان إلى غالة البلجيكية، وزحفتا فيها إلى أن وصلتا لييج Liege، واستعانهما الحزب الوطني في غالة على الرومان، والتقى قيصر بالغزاة عند أكسانتن Xanten (٥٥) ، وصدهم إلى نهر الرين، وقتل منهم كل من لم يمت في النهر غرقاً رجالاً كانوا أو نساءً أو أطفالاً. ثم أقام مهندسوه في عشرة أيام جسراً على النهر العظيم، وكان عرضه وقتئذ ١٤٠٠ قدم، وعبرت عليه فيالق قيصر، وحاربت أعداءها في الأراضي الألمانية زمناً يكفي لجعل نهر الرين حداً آمناً للدولة الرومانية، ثم عاد بعد أسبوعين إلى بلاد غالة.
ولسنا نعرف السبب الذي حدا به إلى غزو بريطانيا في ذلك الوقت، ولعله قد أغراه بهذا الغزو ما وصل إلى علمه من الشائعات عن كثرة الذهب واللؤلؤ فيها، أو لعله كان يرغب في الاستيلاء على ما في بريطانيا من قصدير وحديد لتصدره رومه إلى البلاد الخارجية، أو لعله قد أغضبه ما قدمته بريطانيا من عون إلى الغاليين، وأنه رأى أن يجعل السلطة الرومانية في غالة آمنة من جميع جهاتها. ومهما يكن السبب فقد سار على راس قوة صغيرة عبر بها بحر المنش في أضيق أجزائه، وهزم البريطانيين الذين لم يكونوا مستعدين لحربه، وأخذ عن البلاد بعض المعلومات القليلة، ثم قفل راجعاً (٥٥). لكنه عبر البحر إليها مرة أخرى في العام الثاني وهزم البريطانيين بقيادة كسفلونس Cassivelaunus، ووصل إلى نهر التايمز، وانتزع من أهل البلاد وعداً بأن يعطوا الجزية، ثم رجع إلى غالة.
ولعل سبب رجوعه أن سمع أن الثورة يكاد يندله لهيبها مرة أخرى بين القبائل الغالية، فلما عاد أخضع أولاً الإبورون Eburones. ثم زحف على ألمانيا (٥٣). ولما عاد منها ترك الجزء الأكبر من جيشه في غالة الشمالية، ثم ذهب مع من بقي من هذا الجيش ليقضي الشتاء في شمالي إيطاليا، وكان يرجو أن يخصص بضعة شهور لإصلاح أسواره في رومه، ولكنه سمع في أوائل عام ٥٢ أن