خوف لأن "قيصر" على حد قوله "رجل عامر القلب بالصلاح والرحمة"(٤٣). وفر بروتس أيضاً إلى لارسا، ولكنه أطال المكث فيها ووجّه منها رسالة إلى قيصر. وأبدى القائد المنتصر أشد الاغتباط حين سمع أن بروتس، حي يرزق، وعفا عنه من فوره، كما عفا عن كاسيوس استجابة لرغبة بروتس. وكان كذلك ليناً في معاملة أمم الشرق التي أيدت بمبي مدفوعة إلى ذلك بمشيئة الطبقات العليا المسيطرة عليها. ووزع ما جمعه بمبي من الحبوب على سكان بلاد اليونان الجياع، ولما جاءه الأثينيون يطلبون إليه أن يعفو عنهم، أجابهم وعلى شفتيه ابتسامة اللوم بقوله:"إلى متى ينجيكم مجد آباءكم الأولين من موارد الهلاك التي توردونها أنفسكم؟ "(٤٤).
وأكبر الظن أن بعضهم قد حذر قيصر من أن بمبي يفكر في معاودة القتال معتمداً على جيش مصر ومواردها، وعلى القوة التي كان كاتو ولبينس Labienus ومتلس يعدونها في يتكا Utica. ولكن حدث بعد أن وصل بمبي إلى الإسكندرية أن أمر بوثينس Pothinus خصى الشاب بطليموس الثاني عشر ووزيره خدمة أن يقتلوه، ولعله فعل ما فعل رجاء أن يكافئه عليه قيصر. فقد طعن القائد طعنة نجلاء حين وطئت قدماه شاطئ مصر، بينا كانت زوجته تنظر إليه في هلع وهي على ظهر السفينة التي أقلتهما إلى تلك البلاد. فلما جاء قيصر أهدى إليه رجال بوثينس رأس القائد الذي فصل عن جسده، فولى وجهه عنهم في هلع، وأخذ يبكي من فرط تأثره بهذا الشاهد الجديد على أن الناس كلهم يلقون مصيراً واحداً، وإن اختلفت الوسائل المؤدية إلى هذا المصير. ونزل قيصر في قصر البطالمة الملكي وشرع ينظم شؤون تلم المملكة القديمة.