الأرستقراطية الوراثية في وجه مساوئ الثروة وأعمالها التي لا تتحمل لها تبعة.
واقتصرت اجتماعات مجلس الشيوخ بناء على اقتراح أغسطس على اليومين الأول والخامس عشر من كل شهر، ولم يكن اجتماعه يدوم في العادة أكثر من يوم واحد. وإذ كان الذين يرأسون اجتماعه هم "زعماء الشيوخ" فإنه لم يكن يُستطاع عرض أي اقتراح عليهِ بغير موافقتهِ، والحق أن كل اقتراح يُعرض عليهِ كان يعده من قبل هو أو أعوانه. وأصبحت اختصاصات المجلس القضائية والتنفيذية وقتئذ أهم من اختصاصاته التشريعية، فكان بمثابة محكمة عليا، وكان يحكم إيطاليا بوساطة لجان، ويوجه أعمال الأشغال العامة المختلفة. وكان يحكم الولايات التي لا تحتاج إلى إشراف عسكري كبير، ولكن الزعيم هو الذي كان يشرف على العلاقات الخارجية. ولما جرّد المجلس بهذه الطريقة من سلطاتهِ القديمة أهمل هو نفسه اختصاصاته الضيقة نفسها وصار يتخلى بستمرار عن كثير من التبعات للإبمراطور وموظفيهِ.
وظلت الجمعيات تعقد جلساتها، ولكن عدد هذه الجلسات أخذ يقلُ شيئاً فشيئاً؛ وظلت تقترع ولكنها لم تكن تقترع إلا على المشروعات أو الترشيحات التي يوافق عليها الزعيم، وقضى على حق العامة في تولي المناصب أو كاد يقضي عليه في عام ١٨ ق. م. حين صدّر قانون يُقصر تولي هذه المناصب على الرجال الذين تبلغ قيمة أملاكهم أربعمائة ألف سسترس (٦٠. ٠٠٠ ريال أمريكي) أو أكثر (٢). ورشح أغسطس نفسه للقنصلية ثلاث عشر مرة، وسعى لنيل أصوات الناخبين كما كان يسعى غيره من المرشحين؛ ونزل بذلك من عليائه للاشتراك في المسرحية التي كانت تمثل فصولها على مسرح السياسة الرومانية. وقد عمل على منع الرشا في الأنتخابات بأن طلب إلى كل مرشح أن يودَع قبل عملية الانتخاب مبلغاً من المال ضماناً منه بأنه لن يلجأ إلى الرشوة (٣). بيد أن أغسطس نفسه وزع في وقت من الأوقات ألف سسترس على كل عضو ناخب