مما كان لها من قبل. عل أن الأعمال التي تديرها الدولة كانت مع هذه الحرية كثيرة متنوعة إلى حد لم تبلغه من قبل، وكان لها شأن أيما شأن في إنعاش الحياة الاقتصادية؛ فقد شُيد في خلال هذه المدة اثنان وثمانون هيكلاً، وأنشئت سوق عامة جديدة وباسلقا (١) جديدة لتيسير الأعمال المالية وأعمال المحاكم، وأقيم بناء جديد لمجلس الشيوخ بدل البناء الذي احترق فيهِ كلوديوس؛ وشُيدت صفوف الأعمدة لتخفيف حرارة الشمس، وأكمل الملهى الذي بدأه قيصر وسمّي باسم مرسلس زوج ابنة أغسطس؛ واستحث الإمبراطور الأثرياء على أن ينفقوا بعض أموالهم في تجميل إيطاليا بالباسلقات، والهياكل، ودور الكتب، والملاهي، والطرق. ويقول ديوكاسيوس إنه "أمر الذين يحتفلون بالنصر أن ينفقوا مغانمهم في تشييد مباني عامة تخلد ذكرى أعمالهم"(٩ أ). وكان أغسطس يرجو من وراء ذلك أن يجعل عظمة رومة في ازدياد سلطانه ورمزاً لهذا السلطان.
ومن أقواله في آخر أيامه أنه وجد رومة مدينة من اآجر ثم تركها وهي من الرخام (٩ ب)؛ وذلك مغالاة تُغتفر لقائلها، فقد كان فيها قبل أيامه كثير من الرخام، وبقي فيها من بعدهِ كثير من الآجر، ولكن الحقيقة أنه قلما فعل رجل لمدينة ما فعله أغسطس لرومة.
وكان ساعده الأيمن في إعادة بناء رومة ماركس فسيانيوس أجربا Marcus Vispanius Agrippa. وكان صديقه هذا قد اشترك مع ماسنياس في تنفيذ سياسة أغسطس. ولما كان أجربا إيديلاً عام ٣٣ ق. م ضم الجماهير إلى جانب أكتافيان بأن فتح لهم ١٧٠ حماماً، ووزع عليم الزيت والملح بلا ثمن، وأقام لهم ألعاباً عامة دامت خمسة وخمسين يوماً، وعين حلاقين لجميع المواطنين
(١) الباسلقا Basilica عند الرومان بهو كبير مستطيل الشكل ذو صفين من العمد، ينتهي بطرف نصف دائري، كان يستخدم في الأعمال المالية والقضائية. وقد تحول كثير من الباسلقات آخر الأمر إلى كنائس. (المترجم)