الحديثة" قد تطرفت في استقلالها، وغطرستها، ونزقها، وإسرافها. وكانوا يرون أن حرمان العزّاب من مشاهدة المعارض والألعاب العامة عقاب قاس مستحيل التنفيذ، ولهذا أمر أغسطس بإلغائهِ في عام ١٢ ق. م؛ ثم خففت القوانين اليوليائية مرة أخرى بمقتضى قانون بُبْيَا بُبّيَا Popia Poppea، وذلك بتخفيف شروط الميراث على العزّاب، وبمضاعفة الفترة التي تستطيع الأرامل والمطلقات في أثنائها أن يرثن قبل أن يتزوجن مرة أخرى، وبزيادة القدر الذي يستطيع أن يرثه مَن لا أبناء لهُ. ثم أعفيت أمهات الأبناء الثلاثة من القيود التي وضعها قانون فوكونيا Lex Voconia على الوصايا للنساء. وخفضت السن المحددة للتقدم للمناصب العامة بنسبة حجم أسرة من يتقدم لهذه المناصب. ولاحظ الناس بعد أن سُنت هذه القوانين أن القناصل الذين وضعوا صيغتها وأطلقوا أسماءهم عليها عزّاب لا أبناء لهم. وأصناف النمامون إلى ذلك أن الذي اقترح هذه القوانين على أغسطس-وهو الذي لم يكن له إلا ولد واحد-هو ماسناس الذي لم يكن له ولد، وأنه في الوقت الذي سنت فيهِ كان ماسناس يعيش عيشة الترف والخنوثة، وكان اغسطس يغوي زوجة ماسناس على الفحشاء (١٩).
وليس في وسعنا أن نحكم على أثر هذه الشرائع التي تعد أهم الشرائع الاجتماعية في التاريخ القديم، ولكننا لا نستطيع أن نقول إنها لم تسن بالعناية والدقة الواجبتين، وإن من أرادوا خرقها كانوا يجدون فيها كثيراً من الثغرات؛ فمنهم من تزوجوا إطاعة للقانون ثم ما لبثوا أن طلقوا زوجاتهم؛ ومنهم من يبنّوا أطفالاً ليحصلوا بذلك على المناصب أو الوصايا، ثم "حرروهم"-أي طردوهم من ديارهم بعدئذ (٢٠). وأعلن تاستس بعد قرن من ذلك الوقت أن هذه الشرائع أخفقت في الغرض الذي كانت ترمي إليهِ:"فالزواج وإنجاب الأبناء لم يزيدا على ما كانا عليهِ من قبل، وذلك لأن مغريات عدم النسل مغريات عظيمة القوة"(٢١).
ولم ينقطع الفساد الخلُقي وإن أصبح الناس أكثر تأدباً فيهِ عما كانوا من