كل ما يقاسيه أب وحاكم يشهد بعينيهِ انهيار أسرته وشرفه وشرائعه. وكانت هذه القوانين تحتم على أبي الزانية أن يتهمهما بالزنى علناً إذا لم يقم زوجها بهذا الاتهام. وقد عرضت عليهِ أدلة على سوء سلوكها، ولما أعلن أصدقاء تيبيريوس أنهم سيتولون هم اتهام يوليا أمام المحاكم إذا لم يتهمهما أغسطس، قرر أن يسبقهم إلى العمل؛ فأصدر قراراً ينفي ابنتهُ إلى جزيرة بندتيريا Pandateria، وهي صخرة جرداء بالقرب من شاطئ كمبانيا، في الوقت الذي بلغ فيهِ مرحها وفسادها ذروتهما، وأرغم أحد عشاقها وهو ابن من أبناء أنطونيوس أن ينتحر، ونفى عدداً آخر من العشاق خارج البلاد. وقتلت فوبي Phoebe إحدى معتوقات يوليا نفسها شنقاً مفضلة ذلك على الشهادة عليها. ولما سمع الوالد المنكوب بهذا النبأ قال:
"وددت لو أني كنت والد فوبي ولا أكون والد يوليا"
وكان ولداها جيوس ولوسيوس قد سبقاها إلى الدار الآخرة بزمن طويل؛ فأما لوسيوس فقد توفي في مرسيليا في العام الثاني قبل الميلاد على أئر مرض من الأمراض، وأما جيوس فقد مات من جرح أصيب بهِ في أرمينية (٤ ب. م). وألفى أغسطس نفسهُ في شيخوختهِ من غير أنيس ولا وريث، في الوقت الذي كانت فيهِ ألمانيا، وبانونيا، وغالة تُهدد بالانقضاض عليهِ، فاضطر على الرغم منهُ إلى استدعاء تيبيريوس (٢ ب. م)، وتبناه، وأشركه معهُ في الحكم، وأرسلهُ لإخماد نار الثورة؛ ولما عاد في العام التاسع بعد الميلاد بعد حروب طاحنة مظفرة دامت خمس سنين أقرت رومة، وكانت تحقد عليهِ لتزمتهِ، بأن تيبيريوس قد شرع يحكم البلاد وإن كان أغسطس لا يزال زعيمها.
وبعد فإن آخر مآسي الحياة أن تدوم مأساتها على الرغم من صاحبها-أي أن يعيش الإنسان بعد أن يخسر كل شيء، وأن يُحرم حتى الموت. ولم يكن أغسطس، إذا نظرنا إلى عدد السنين وحدهُ، قد بلغ أرذل العمر حين أخرجت يوليا من البلاد، فقد كان غيره من الرجال وهم في سن الستين أقوياء