ولم تصل منتجات فن النحت المصري بعد عهد الأسر الأولى إلى ما كانت عليه في عهدها إلا بعد أن مضت عليها قرون كثيرة. وإذ كان معظم التماثيل إنما صنع للهياكل أو المقابر فقد كان الكهنة هم الذين يقررون إلى حد كبير الأنماط التي يلتزمها الفنان. ومن هذا السبيل تسربت إلى الفن النزعة الدينية المحافظة، فجثم على قلب الفن بسببها كابوس التقاليد، وكان سببا في تدهوره. فلما أن تولى الحكم ملوك الأسرة الثانية عشرة الأقوياء عادت الروح الدنيوية غير الدينية إلى الظهور وأثبتت وجودها، واستعاد الفن شيئاً من قوته القديمة، وفاق الفنانون ما كان عليه أسلافهم الأولون من براعة. ويوحي رأس أمنمحيت الثالث المنحوت من حجر الديوريت (١٩٧) ببعث جديد للفن وبعث للأخلاق. ذلك أن الناظر إلى هذا الرأس يستف منه صلابة هذا المليك القدير، ويدرك أن الذي نحته فنان قدير أيضا. وثمة تمثال ضخم لسنوسريت الثالث يزينه رأس ووجه لا تقل الفكرة التي أوحت به، ولا القدرة التي أخرجته، عما أوحت به وأخرجته