من وصف للمناظر الريفية. وقد مجد فرجيل هذه المناظر أيضاً كما مجد مناظر الرعي واتخذها هي الأخرى مثلاً أعلى للحياة؛ ولكنه هنا لم يكن مقلداً، فقد استمع من قبل إلى أغاني الخطاب الشهوانية، وشهد بعينيهِ النحل القلق يحوم حول الأزهار (٨)، وعرف يأس الزراع الخالي البال الذي خسر أرضه كما خسر آلاف الناس أراضيهم في تلك الأيام (٩). على أن أهم من هذا كلهُ كان شديد الإحساس بما كان يرتجيهِ ذلك العصر من القضاء على التخريب والحرب. وكانت الكتب السبيلية Sibylline قد تنبأت بأن عصر زحل الذهبي سيعود مرة أخرى بعد العصر الحديدي؛ ولما أن ولد في عام ٤٠ ق. م وَلَدٌ لأسينيوس بليو نصير فرجيل أعلن الشاعر في الكتاب الرابع من المحتارات أن مولده سيكون بداية المدينة الفاضلة فقال:
والآن سيعود العصر الأخير الذي (يبش بهِ) نشيد كومية (سبيل)، وها هي ذي الأحقاب العظيمة المتعاقبة تولد من جديد وتعود العذراء (١)، ويعود حكم زحل (Saturn) وينزل من السماء العليا جيل جديد. أي لوسينا الطاهرة العفيفة (ربة المواليد)! ابتسمي للغلام الذي ولد منذ قليل، والذي سيزول في عهدهِ لأول مرة جيل جديد، وينشأ في العالم جيل الذهب. إن إلهك أبلو قد أصبح الآن ملكاً على الأرض".
وتحققت هذه النبوءات بعد عشر سنين من ذلك الوقت، فتخلص الناس من عدد الحرب الحديدية، وسيطر على البلاد جيل جديد مسلح بالذهب ومفتون بهِ؛ ولم تشهد رومة في السنين القليلة الباقية من حياة فرجيل اضطرابات جديدة، وعمها الرخاء والسعادة، وحيا الناس أغسطس ولقبوه بالمنقذ وإن لم يلقبوه أبلون. ورحب بلاط الإمبراطور- وإن لم يكن فيهِ من المظاهر العظيمة والأبهة إلا نصف ما في بلاط الملوك-
(١) هي أسترئيا Astraea أو العدالة، وهي آخر من غادر الأرض من الآدميين كما ورد في أسطورة عصر زحل. (المترجم)