سيقضي نحبه دون حاجة إلى تجريح جسمه. ونجا كلوديوس عم كالجيولا لأنه كان أو تظاهر بأنه أبله حقيراً غلبت عليه شهوة قراءة الكتب.
وآخر ما لجأ إليه كالجيولا من العبث أن أعلن أنه إله معبود لا يقل شأناً عن جوبتر نفسه، وحُطمت رؤوس التماثيل الشهيرة المقامة لجوف وغيره من الأرباب، ووضعت في مكانها رؤوس للإمبراطور. وكان يسره أن يجلس في هيكل كاستر وبلكس Castor and Pollux ويتلقى عبادة الناس. وكان يحلو له في بعض الأحيان أن يتحدث إلى تمثال من تماثيل جوبتير، وكان هذا الحديث في الغالب تأنيباً للإله، وقد استطاع بحيلة من الحيل أن يجيب عن قصف الرعد ووميض البرق كلما قصف الأول وأومض الثاني (٣٨). وأقام هيكلاً لعبادته، وعين له جماعة من الكهنة، وأمده بطائفة من الضحايا، وعين جواده المحبوب كاهناً من بين كهنته. وادعى أن إلهة القمر قد نزلت إليهِ وعانقته، وسأل فيتلوس Vitellius ألم يرها بعينه؟ فكان جواب تابعه الحكيم "لا، إن أمثالك من الآلهة هم وحدهم الذين يرى بعضهم بعضاً"(٣٩). ولكن الناس لم تخدعهم هذه السخافات؛ من ذلك أن إسكافاً غالياً رأى كالجيولا متخفياً في صورة جوبتير، وسأل عن رأيه في الإمبراطور فقال "مخادع كبير". وعلم بذلك كالجيولا ولكنه لم يعاقب الرجل لى هذه الشجاعة السارة (٤٠).
وما كاد هذا الإله يبلغ التاسعة والعشرين من عمره حتى أضحى شيخاً منهوك القوى من طول الإِفراط، ولعله أصيب ببعض الأمراض السرية، وحتى كان له رأس صغير نصف أصلع فوق جسم مسترخ بدين، ووجه كالح، وعينان غائرتان، ونظرات خبيثة تنم عن الغدر والخيانة. ووافته المنية على حين غفلة، وكانت منيته على يد الحرس البريتوري الذي طالما ابتاع معونته بالهدايا. وذلك أن ضابط من ضباط الحرس يدعى كاسيوس كئيريا