أمها (٤٨). وقال كلوديوس لحرسه البريتوري إنهم في حل من دمه إذا تزوج مرة أخرى ولم يرد ذكر مسالينا على لسانه من تلك الساعة (١).
ولكن لم تمضِ سنة على وعدهِ حتى كان يتردد بين الزواج من لوليا بولينا Lollia Paulina أو من أجربينا الصغرى. فأما لوليا زوجة كالجيولا السابقة فكانت ذات ثروة طائلة، ويقال أنها كانت في بعض الأحيان تتحلى بجواهر تبلغ قينتها أربعين مليون سسترس (٥٩)، ولعل كلوديوس كان يُعجب بمالها أكثر من إعجابه بذوقها؛ وأما اجربينا فكانت إبنة أجربينا الكبرى من جرمنكوس. وكانت هي الأخرى يجري في عروقها دم أكتافيان وأنطونيوس اللذين مات عدوين. وقد ورثت من أمها جمالها، وكفايتها، وقوة عزيمتها وحبها للانتقام حباً لا يحد منه شيء من وخز الضمير. وكانت قد ترملت مرتين، ورزقت من زوجها الأول أكنيوس دومتيوس أهينوباربس Cnoeus Domitius Ahenobarbus ابنها نيرون وكان كل همها طول حياتها أن يرقى ابنها هذا عرش الإمبراطورية. وأما زوجها الثاني كيوس كرسبس Caius Crispus الذي تقول الشائعات إنها قتلته بالسم فقد ورثت عنه الثروة الطائلة التي استخدمتها للوصول إلى أغراضها. وكان هدفها أن تتزوج كلوديوس، وأن تتخلص بوسيلة ما من ابنه برتنكس، وأن تجعل نيرون بعد أن يتبناه كلوديوس وارث العرش من بعده. ولم يعقها عن تنفيذ قصدها أنها ابنة أخت كلوديوس، بل أتاحت هذه الصلة فرصاً ثمينة للاتصال بالحاكم الشيخ اتصالاً أثار فيهِ عواطف ليست من قبيل عواطف الخال نحو ابنة أختهِ. ولم يكن منه إلا أن وقف فجأة أمام مجلس الشيوخ وطلب أن يأمره بالزواج
(١) وقد حاول فريرو Ferrero، وبيوري Bury أن بفسرا زواج مسالينا من رجلين تفسيراً يبرره، ولكن تاستس يؤكد القصة "التي يؤكدها الكتاب المعاصرون كما يؤكدها رجال موقرون كبار كانوا يعيشون في ذلك الوقت، وكانوا على علم بأحواله كلها"