على الشؤون المالية في بلاد اليهود في عهد تيبيريوس. وكان ما حل به من العذاب ضربة شديدة وجهت إلى الشيعة التي أوجدها هذا الرجل، وبفضل هذه الضربة وقف نمو هذه الخرافات الخطيرة إلى حين، ولكنها لم تلبث أن عادت إلى نشاطها وانتشرت انتشاراً سريعاً قوياً في بلاد اليهود … وفي مدينة رومة نفسها، وهي مستودع الأقذار العام الذي ينساب إليه كل ما هو دنئ ممقوت انسياب السيل المنحدر من أقطار العالم. ولجأ نيرون إلى أساليبه المعهود في الحيل، فعثر على جماعة من الفخار والسفلة الأراذل، وأغراهم بمختلف الوسائل على أن يعترفوا بأنهم هم مرتكبو الجريمة النكراء؛ وبناء على اعتراف أولئك السفلة أدين عدد من المسيحيين، ولم يصدر الحكم عليهم على أدلة واضحة تثبت أنهم هم الذين أشعلوا النار في المدينة، بل أدينوا لأنهم يكرهون الجنس البشري كله. واستخدمت في إعدامهم أفانين من القسوة المتناهية، ولم يكتف نيرون بتعذيبهم بل أضاف إلى هذا التعذيب السخرية منهم والازدراء بهم، فألبس بعضهم جلود الوحوش وتركوا تلتهمهم الكلاب، وسمر غيرهم في الصلبان، ودفن الكثيرون منهم أحياء، ودهنت أجسام البعض الآخر بالمواد الملتهبة وأشعلت فيها النيران، ولتكون مشاعل في الليل … وفي آخر الأمر أفعمت هذه الوحشية قلوب الناس جميعاً رأفة ورحمة، ورقت هذه القلوب أسى على المسيحيين (٨١).
ولما أزيلت الأنقاض أخذ نيرون يعيد بناء المدينة كما صورتها له أحلامه والغبطة بادية في أسارير وجهه. وطلب إلى كل مدينة في الإمبراطورية أن تقدم معونتها لها الغرض، أو أرغمت على تقديم هذه المعونة، واستطاع الذين دمرت بيوتهم أن يبينوا لهم بيوتاً جديدة بعد أن أمدهم بالمال المتجمع من هذه المعونة. وشقت الشوارع الجديدة مستقيمة متسعة، وشيدت واجهات المنازل الجديدة وطبقاتها الأولى من الحجارة، وجعلت بينها وبين غيرها من المباني المجاورة لها فواصل تمنع انتشار النار من بناء إلى