للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على حد قوله "هم الشعب الوحيد الذي له آذان موسيقية" (٨٥). واشترك في أولمبيا في سباق العربات واساق فيها بنفسه مركبة ذات عجلتين تجرها أربعة جياد في صف واحد أفقي مستعرض Quardriga وسقط من العربة في حلبة السباق وكاد يقضي عليه، ولما أعيد إلى العربة واصل السباق وقتاً ما، كلنه انقطع عنه قبل نهاية الشوط. وكان المحكمون يفرقون بين الإمبراطور والرجل الرياضي، فقدموا له تاج النصر. وتملكته نشوة الفرح حين رأى الجماهير تصفق له طرباً فأعلن من فوره أن بلاد اليونان كلها لا أثينة وإسبارطة وحدهما ستكون من تلك الساعة حرة طليقة-أي أنها لن تعطي الجزية لرومة. وكان جواب المدن اليونانية على هذا الكرم أن أقامت الألعاب الأولمبية والبيثية Pyth an والنيميائية Nemean والبرزخية Ishmian (١) فام واحد. ورد هو على ذلك بأن اشترك فيها جميعها مغنياً، وعازفاً، وممثلاً، ومتبارياً في الألعاب الرياضية. وقد حرص أشد الحرص على إطاعة قوانين المباريات، وكان شديد المجاملة لمنافسيه، ومنحهم حق المواطنية الرومانية تعزية لهم على تفوقه عليهم جميعاً. وتلقى في أثناء رحلته أنباء بأن الثورة شبت نارها في بلاد اليهود، وأن لهيبها اندلع في الغرب كله. وكان كل ما فعله أن تنهد وتحسر ثم واصل رحلته. ومن أقوال سوتنيوس في التعليق على هذه الرحلة أنه كان إذا غنى في ملهى "لا يسمح لأحد بالخروج منه، ولو كان ذلك لعذر شيد يحتم عليه الخروج؛ وكان من نتائج ذلك أن ولدت بعض النساء وهن في الملهى، وأن تظاهر بعض الرجال بالموت حتى يحملوا إلى الخارج" (٨٦). ولما جاء إلى مضيق كورنثة أمر أن يبدأ العمل في شق قناة ي هذا المضيق كما كان قيصر ينوي أن يشقها؛ وبديء العمل فعلاً، ولكنه وقف في أثناء الاضطراب الذي حدث في العام الثاني. وارتاع نيرون أنباء الفتن والمؤامرات فعاد إلى


(١) سميت كذلك لأنها كانت تقام في الساحة المقدسة الممتدة على الشاطئ الشمالي الشرقي لبرزخ كورنثة.