الحكم ولكن الوصية عبثت بها الأيدي؛ ورد تيتس على هذا الادعاء بأن عرض عليه أن يكون شريكه وخليفته، فرفض دومتيان هذا العرض وظل سادراً في مؤامرته؛ ويقول ديوكاسيوس إنه لما مرض تيتس عجل دومتيان منيته بأن أحاط جسمه بالثلج (١٠٤). وليس في وسعنا أن نتأكد من صخة هذه الأخبار أو غيرها من القصص الني وصلت إلينا عن شهواته الجنسية الطليقة-كقولهم إن دومتيان كان يسبح في الماء مع العاهرات، وإنه ضم ابنة تيتس إلى سراريه، وإنه "كان فاجراً فاسقاً بالنساء والغلمان على السواء"(١٠٥). ذلك أن التواريخ اللاتينية كلها لا تختلف في شيء عن سياسة هذه الأيام، فقد كانت ضربات توجه للوصول إلى أغراض رجال العصر الذي كتبت فيه.
فأما من حيث سياسة دومتيان نفسها فإنه كان في العشر سنين الأولى من حكمه متميزاً في أخلاقه قديراً في سياسته إلى حد دهش معه جميع عارفيه؛ فقد اتخذ سياسة تيبيريوس وأخلاقه مثلاً يحتذيه، كما أتخذ فسبازيان أغسطس مثلاً آخر له. ومن ذلك جعل نفسه رقيباً مدى الحياة، ثم حرم نشر المطاعن البذيئة (وإن كان قد غض النظر عن فكاهات مارتيال الشعرية). ونفذ القوانين اليوليوسية الخاصة بالزنى، وحرم تمثيل المسرحيات الصامتة لمجافاتها الأخلاق، أمر بضرب عنق عذراء فستية حكم عليها بالزنى أو بمضاجعة أحد أقربائها المحرمين عليها، وقضى على عادة الخصاء وهي العادة التي انتشرت مع ارتفاع أثمان الأرقاء الخصيان، ولم يكن يطيق رؤية الدم المسفوك ول كان دم الثيران التي يضحى بها في المراسم الدينية. وكان رجلاً شريفاً، واسع الفكر، لم يؤخذ عليه بخل أو شره في حب المال، وأبى أن يقبل الوصايا ممن لهم أبناء، وألغى جميع الضرائب المتأخرة من اكثر من خمس سنين، وأعرض عن المتجسسين. وكان في أحكامه صارماً نزيهاً، وكان له أمناء سر من معاتيقه ولكنه ألزمهم جميعاً أن يكونوا أمناء صالحين.