أن يبعث الملل" في نفس سامعيه، وهي نصيحة ليست إلى الآن عديمة النفع للفلاسفة. فلما أذن له أخذ بتاح حوتب ينصح ولده بقوله:
"لا تَزهُ بنفسك لأنك عالم، بل تحدث إلى الجاهل كما تتحدث إلى الحكيم؛ لأن الحذق لا حد له، كما أن الصانع لا يبلغ حد الكمال في حذق صناعته؛ والكلام الجميل أندر من الزمرد الذي تعثر عليه بين الحصى … فعش إذا في بيت ألطف يقبل عليك الناس طائعين يقدمون إليك الهدايا … واحذر أن تخلق لنفسك الأعداء بأقوالك … ولا تتخطى الحق، ولا تكرر ما قاله إنسان غيرك، أميراً كان أو فلاحاً ليفتح به قلوب الناس، لأن ذلك بغيض إلى النفس …
"وإذا أردت أن تكون حكيما فليولد لك ولد لتسر بذلك الآلهة … فإذا سار في سبيله مقتديا بك، وإذا نظم أمورك على أحسن وجه، فقدم له كل الخير … أما إذا كان عديم المبالاة، وخالف قواعد السلوك الطيب، وكان عنيفاً؛ وإذا كان كل ما يخرج من فيه هو فحش القول، فاضربه، حتى يكون حديثه صالحاً … وفضيلة الابن من أثمن الأشياء للأب، وحسن الأخلاق شيء لا ينسى قط …
"وإذا كنت ذا سلطان فاسع لأن تنال الشرف عن طريق العلم ورقة الطباع … واحذر أن تقاطع الناس، وأن تجيب عن الأقوال بحرارة، ابعد ذلك عنك، وسيطر على نفسك".
ويختم بتاح حوتب نصائحه بهذه العبارة المليئة بالفخر والإعجاب: