يكمل ما ينقص من اقتصاد الأسرة، ولكنه لم يحل محله. مثال ذلك أن الطحان أخذ يحمل الحبوب من عدة حقول ويطحنها لأصحابها؛ ثم أخذ بعدئذ يصنع لها الخبز، وقام آخر الأمر بتوزيعه. وقد عثر في أنقاض بمبي على أربعين مخبزاً، وكان لصناع الفطائر في رومة نقابة خاصة بهم. كذلك كان هناك متعاقدون يشترون محصول الزيتون على شجره ويجمعونه فيما بعد. على أن معظم الضياع ظلت تجمع زيتونها وتصنع خبزها بنفسها. وكانت ملابس الزراع والفلاسفة تغزل في البيوت، أما الأثرياء فكانت ثيابهم تعزل في البيوت كملابس الفقراء ولكنها كانت تمشط، وتنظف، وتبيض، وتفصل في أماكن معدة لهذه الأغراض. وكانت بعض المنسوجات الصوفية الرفيعة تنسج في مصانع خاصة، وكان الكتان الذي تصنع منها أشرعة السفن أو شباك الصيد ينسج في المصانع قماشاً رفيعاً تتخذ منه ملابس للسيدات ومناديل للرجال. وكان النسيج في بعض الأحيان يرسل بعدئذ إلى صباغ لا يقتصر عمله على تلوينه بل كان يطبع عليه رسوماً جملة كالتي نراها مطبوعة على الملابس المصورة على جدران بمبي، وتطورت دباغة الجلود فأصبحت لها مصانع خاصة بها، وان بقيت صناعة الأحذية يقوم بها الأفراد فيصنعون منها ما يطلب إليهم صنعه. وكان فيهم أخصائيون لا يصنعون إلا (شباشب) النساء.
وكانت الصناعات التي تستخرج موادها الغفل من باطن الأرض يقوم بها كلها تقريباً العبيد والمجرمون، وكانت مناجم الذهب والفضة في داشيا وغالة وأسبانيا، ومناجم الرصاص والقصدير في أسبانيا وبريطانيا، ومناجم النحاس في قبرص والبرتغال، ومناجم الكبريت في صقلية، والملح في إيطاليا، والحديد في إلبا، والرخام في لونا Luna وهيمتس Hymettus وباروس Paros، والحجر السماقي في مصر، كانت هذه كلها وغيرها من موارد الثروة التي تستخرج من باطن الأرض تمتلكها الدولة وتستغلها بنفسها أو تؤجرها لغيرها، وكانت مصدراً