للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به إلى ما فوق هذا القدر، لأن النسّاخين الأرقاء كانوا يتقاضون أجوراً قليلة (١٨).

وانتقل صناع كومية، ولترنوم، وأكويليا، من صنع الخزف إلى صنع الزجاج الفني الجميل (١). ومن أشهر أمثلة هذه الآنية الزجاجية مزهرية بورتلاند (٢) وأجمل منها "المزهرية الزجاجية الزرقاء" التي عثر عليها في بمبي والتي نقش عليها عيد خمري لباخوس نقشاً جميلاً ينبض بالحياة (١٩). ويقول بلني واسترابون (٢٠): إن فن صنع الزجاج قد نقل في عهد تيبيريوس من صيدا والإسكندرية إلى رومة، وسرعان ما أخرج فنانوه قنينات صغيرة، وقداحاً وطاسات، وأواني أخرى متعددة الألوان دقيقة الصنع، جميلة المنظر أصبحت في وقت ما مطلب الأثرياء وجامعي الروائع الفنية. وقد عرض في عهد نيرون ستة آلاف سسترس ثمناً لقدحين صغيرين من الزجاج المعروف في هذه الأيام باسم "ميل فيوري Mlliefiori أو "الزهرات الألف"، صنعا بصهر عصى زجاجية مختلفة اللون. وكان أغلى من هذين ثمناً مزهريات "مورهين" Murrhine التي جيء بها من آسية وأفريقية. وكانت تصنع بوضع خيوط رفيعم من الزجاج الأبيض والأرجواني بعضهما بجوار بعض للحصول على الرسم المطلوب،


(١) وقد وجد السوريون والمصريون قبل ميلاد المسيح بنحو مائتي عام أن صهر الرمل مع مادة قلوية في درجة حرارة عالية ينتج سائلاً نصف شفاف ذا لون ضارب إلى الخضرة (منشؤه ما في الرمل من أكسيد الحديد)؛ وأن إضافة أكسيد المنجنيز والرصاص إلى هذا المزيج يجعله عديم اللون كامل الشفيف، وأن ظلالاً مختلفة من هذا اللون يمكن الحصول عليها بإضافة مواد كيميائية مختلفة إليه-فاللون الأزرق مثلاً ينتج بإضافة الكوبلت. وكانت العجينة الرخوة تشكل باليد أو تنفخ في قوالب، وتترك حتى تجف ثم تقطع وتشكل على عجلة.
(٢) وأكبر الظن أن هذه المزهرية المكونة من عدة طبقات من الزجاج بعضها فوق بعض يونانية الأصل. وقد عثر عليها بالقرب من رومة في عام ١٧٧٠، وجاء بها دوق بورتلاند، ثم أعيدت للمتحف البريطاني في عام ١٨١٠. وفي عام ١٨٤٥ حطمها رجل مجنون إلى ٢٥٠ قطعة، ولكنها أعيدت غلى ما كانت عليه بنجاح بلغ من شأنه لما عرضها دوق بورتلاند وقتئذ للبيع في عام ١٩٢٩ عرض عليه ١٥٢. ٠٠٠ دولاراً ثمناً لها، ولكنه رفض هذا العرض لأنه رآه أقل من قيمتها ٨.