الأطعمة الرومانية. وقد اخترع أبسيوس Apicius- وهو من مشهوري الأبيقوريين في عهد تيبيريوس- "فطائر الأكباد السمان" وذلك بزيادة سمنة أكباد الخنازير بإطعامها التين (١). وكان العرف يبيح للطاعم أن يفرغ معدته من الطعام بتناول مقيئ بعد الوليمة الثقيلة. وكان بعض النهمين يفعلون هذا في أثناء الوليمة ثم يعودون إليها ليشبعوا جوعهم. وقد قال سنكا في هذا "إنهم يتقايئون ليأكلوا ويأكلون ليتقايئوا"(٩٠) (Vomunt Set Edant، Ant، Edant Ut Vomant) . لكن هذا كان مسلكاً شاذاً، وليس هو أسوأ من مسلك مدمني الخمر من الأمريكيين. وكان أظرف من هذه العادة عادة تقديم الهدايا إلى الضيفان أو إسقاط الأزهار أو العطور عليهم من سقف الحجرات، أو تسليتهم بالأنغام الموسيقية، أو الرقص، أو الشعر، أو التمثيل وكانت الليالي تختتم بالحديث فتنطلق الألسن من عقالها بسبب الخمر، ويثيرها وجود النساء في المآدب.
وليس لنا أن نظن أن هذه المآدب كانت هي الخاتمة العادية التي يختتم بها كل يوم من حياة الروماني، أو أنها كانت أكثر في حياتهم من مآدب هذه الأيام. إن التاريخ، كالصحف، يسيء تصوير الحياة، لأنه مولع بالشاذ من كل شيء، ويتجنب حياة الرجل الشريف التي لا أخبار فيها، والحياة اليومية الهادئة الرتيبة السوية. لقد كان معظم الرومان خلقاً عاديين أشبه الناس بنا وبحيرتنا، يستيقظون من النوم كارهين، ويفرطون في الأكل، وفي العمل، ولا يلعبون إلا قليلاً، ويحبون كثيراً، وقلّما يكرهون، ويتشاجرون بعض الشيء، ويكثرون من الكلام، ويحلمون أحلام اليقظة وينامون.
(١) لقد بدد أيسيوس أموالاً طائلة في بذخه وإسرافه، فلما لم يعد يملك إلا عشرة ملايين سسترس (١. ٥٠٠. ٠٠٠ ريال أمريكي) انتحر. وبعد مائتي عام من انتحاره عزى إليه كتاب في فن الطبخ ليست له يد فيه، ولكنها الأساليب التي يجيزها القدامى.